للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلام أهل العلم في تفسير قوله تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك)]

قال: [وعن منصور بن عبد الرحمن قال: قلت للحسن البصري: قول الله عز وجل: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود:١١٨ - ١١٩]؟ قال: من رحم ربك غير مختلف].

وانتبهوا، أتظنون أن خلاف الإخوان مع السلفيين، والسلفيين مع التبليغ هو المعني والمقصود في هذه الآية؟ لا، فكما أن الإخوة ينزلون أحاديث الفرق على الجماعات الموجودة على الساحة فكلام غير سليم، وفهم غير سليم، إنما ذلك في الفرق الضالة، أما هذه الآية فمتعلقة بالإيمان والكفر، بالمؤمنين والكافرين، بأهل الشقاء وأهل السعادة، بأهل الجنة وأهل النار، والله عز وجل من رحمته لم يجعل في أهل الإيمان اختلاف، أما أهل الكفر فإنهم خالفوا أهل الإيمان، قلت: ولذلك خلقهم، أي: خلق هؤلاء للجنة، وهؤلاء للنار.

إذاً: الكلام على المؤمنين والكافرين لا على الجماعات الإسلامية الموجودة في الساحة.

قال: [وعن خالد الحذاء قال: قدم علينا رجل من الكوفة، فكان مجانباً للحسن لما كان يبلغه عنه في القدر].

أي: أن واحداً جاء من الكوفة إلى البصرة، وكان قد بلغه كلاماً على سبيل الوشاية: أن الحسن البصري إمام السنة في زمانه يتكلم في القدر! فلما أتى هذا الكوفي جانب الحسن، أي: تباعد عنه ولم يسمع منه شيئاً؛ لأنه بلغه أن الحسن يتكلم في القدر، قال: حتى لقيه وسأله الرجل أو سئل عن هذه الآية: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود:١١٨ - ١١٩]؟ قال الحسن: خلق أهل الجنة للجنة، وأهل النار للنار، قال: فكان الرجل بعد ذلك يذب عن الحسن]، أي: بعد أن علم الكذب والافتراء على الحسن، وأن الحسن لو كان من القدرية لا يقول في تفسير هذه الآية أنه خلق هؤلاء للجنة، وخلق هؤلاء للنار؛ لأن القدرية يقولون في هذه الآية كلاماً في قمة القبح.

قال: [وعن الحسن {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود:١١٩]، قال: للاختلاف].

أي: بين الإيمان والكفر، بين الشقوة والسعادة.