وكل من تكلم بالإيمان وأظهر الإقرار بالتوحيد، وأقر أنه مؤمن بجميع الفرائض غير أنه لا يضره تركها، ولا يكون خارجاً من إيمانه إذا هو ترك العمل بها في وقتها، مثل الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت مع الاستطاعة، وترك الغسل من الجنابة، ويرى أن صلاة النهار إن صلاها في الليل أجزأه ذلك، وصلاة الليل إن صلاها في النهار أجزأه ذلك، وأنه إن صام في شوال أجزأه ذلك، وإن حج في المحرم أو صفر أجزأه ذلك، وأنه متى اغتسل من الجنابة لم يضره تأخيره، ويزعم أنه مع هذا مؤمن مستكمل الإيمان عند الله عز وجل على مثل إيمان جبريل وميكائيل والملائكة المقربين؛ فهذا مكذب بالقرآن، مخالف لله ولكتابه ولرسله ولشريعة الإسلام، ليس بينه وبين المنافقين الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فرق، قد نُزع الإيمان من قلوبهم، بل لم يدخل الإيمان في قلوبهم أصلاً، كما قال الله تعالى فيهم:{وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات:١٤].
[فكل من ترك شيئاً من الفرائض التي فرضها الله عز وجل في كتابه، أو أكدها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته -على سبيل الجحود لها والتكذيب بها- فهو كافر بيِّن الكفر، لا يشك في ذلك عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر].
هذا كلام جميل، من فرض الله عز وجل عليه شيئاً فجحده جاحد؛ إلا كفر بهذا الجحود إلا كفر بجحده لما فرض الله عز وجل، بل من أحل ما حرم الله، أو حرم ما أحل الله عالماً بأدلة الحرمة والحل، وبعد قيام الحجة عليه، وهذا فيما يتعلق بهذه الثوابت الإيمانية لمن كان مؤمناً في ديار الإيمان والإسلام، بل من أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، ومن أنكر شيئاً ثابتاً في دين الإسلام؛ فإنه يكفر بذلك وإن لم تقم عليه الحجة، ما دام أنه في دار الإسلام، كما لو قال أحد: أنا لا أعرف ما هذه الصلاة التي يصليها الناس؟ وهو في هذه البلاد -مثلاً- التي ينتشر فيها العلم، ويكثر فيها قال الله وقال رسوله، هذا الإنسان لا بد أنه يكفر بالله، وكمن أدرك شهر رمضان وقال: أنا لا أصوم رمضان، ولا أعرف هذا الصوم الذي يصومه الناس، أو يقول: أنتم تصومون في رمضان بالنهار، وأنا سأخالفكم وأصوم بالليل، فأنا أصوم من أول غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فهل هذا يقال له: إن الله تعالى فرض علينا الصيام في نهار رمضان، وهو في بلاد المسلمين؟ لا يقال له، بل هو بهذه المعاندة وهذا الجحود لأصل مواقيت هذا الفرض يكفر ويخرج من الإسلام، وأنا أقول هذا في ثوابت الإسلام ومبادئه ومؤكداته التي علمها الأطفال قبل الكبار، أما المسائل التي تحتاج إلى نوع اجتهاد؛ فإن المرء لا يكفر إلا إذا أقيمت عليه فيها الحجة، ومن أقر بذلك وقاله بلسانه ثم تركه تهاوناً فإنه يكفر بالإجماع، أما من أقر بذلك وقاله بلسانه، ثم تركه تهاوناً أو معتقداً لرأي المرجئة ومتبعاً لمذاهبهم؛ فهو تارك الإيمان، ليس في قلبه منه قليل ولا كثير، وهو في جملة المنافقين الذين نافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل القرآن بوصفهم وما أعد لهم، وأنهم في الدرك الأسفل من النار، نستجير بالله من مذاهب المرجئة الضالة.
[سئل حذيفة رضي الله عنه: من المنافق؟ قال: الذي يصف الإسلام ولا يعمل به.
وعن حذيفة قال: المنافقون فيكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: يا أبا عبد الله! وكيف ذاك؟ قال: إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم، وإن هؤلاء أعلنوه]، يعني: كان عندهم شيء من الحياء رغم نفاقهم، لكن النفاق في هذا الزمان لا يستحي أهله ولا أصحابه.
الدكتورة منى أبو سنة هذه -أم ناب أزرق- عدوة للإسلام، عقدت مؤتمراً بالأمس من بعد صلاة العصر واستمر إلى ما بعد العشاء في بيت محمد مشهور بالزمالك، واستدعت فيه إمام الضلال الكبير الدكتور أحمد عبد المعطي حجازي، هذا الرجل الذي زعزع ثوابت الإسلام من قلوب الحاضرين، وجلُّ من حضر لديهم كانوا من حزب العمل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقد وجهت دعوات سرية جداً للحاضرين، مكتوب على كل مظروف:(دعوة سرية جداً لمؤتمر هام جداً) ويسمونه المنتدى الفلسفي، والهدف منه هو زعزعة الإيمان في قلوب المسلمين، فكما كان النبي صلى الله عليه وسلم له هدف، وتبعه على ذلك الصحابة وأتباع الصحابة، وغيرهم إلى قيام الساعة؛ فكذلك عبد الله بن أبي ابن سلول كان رأس النفاق في زمان النبوة، فهؤلاء هم أتباع عبد الله بن أبي ابن سلول.
أما الذي قيل وأثير في هذا المؤتمر فله وضع خاص، وهو مطبوع في شريط، والشريط موجود معي الآن، فـ أحمد عبد المعطي حجازي هذا ترجمته سوداء كلحاء، لا خير فيه أبداً.