وفي ذات مرة أتى رجل إلى الشيخ الألباني وقال: أناظرك، فقال له الشيخ الألباني: أنا أناظرك في مسألة الجهاد، وكان هو إخوانياً، ثم تحول في السجن فصار تكفيرياً، فلما خرج من السجن تحول عن التكفير إلى جماعة الجهاد، وقال للشيخ: أناظرك، فالشيخ قال له: المناظرة ليست سهلة، فلما ألح عليه وأصر قبل الشيخ المناظرة، فقال للرجل: هات الذي عندك، قال له: حججي كيت وكيت وكيت، والشيخ قال له: وأسئلتي على هذه الأدلة كيت وكيت وكيت أجب؟ فلما سمع الأسئلة خنس كالشيطان، ثم قال للشيخ: لا بأس! دعني أراجع ذلك، قال له: أحسنت: تفضل راجع.
فأخذ الشريط، وكان يأخذ سؤالاً واحداً من أدلة الشيخ ويسجله على الشريط، ويسجل رده على الشيخ في غرفة النوم، وأخذ يرد في الظلام، لكن الجهال عندما يسمعون الرد يقولون: ما شاء الله! إن فلاناً هذا أعلم من الشيخ الألباني، وقد حصلت بينهما مناظرة، وعندما رد فلان على سؤال الشيخ لم يستطع الشيخ التعقيب.
وكيف يعقب الشيخ وهو ليس موجوداً؟! فهذا الرجل رد عليه في غرفته، وأنزل الشريط إلى السوق، لكن الله عز وجل يجعل الغلبة والتأييد والنصرة لدينه على لسان الشيخ الألباني، فإنه عندما علم أن هذه الأشرطة قد سجلت ودبرت له بليل قال: أنا أبرأ إلى الله عز وجل مما نسب إلي في الشريط الفلاني والفلاني، ثم دعا على الفاعل، وحصل انتقام الله عز وجل لأوليائه، فقد هرب هذا الفاعل من سجن في مصر إلى الأردن، فلما ضيق عليه في عمان أمنياً هرب إلى السعودية، ثم جيء به من السعودية عن طريق الأمن؛ فقضى أعواماً عديدة في سجون مصر مرة أخرى، ثم خرج قريباً من هذه الأيام، أو يبقى له عدة أشهر.
فالذي يعرف أسلوب الشيخ في المناظرات والخصومات يعلم أن هذه الردود لا يسكت عليها قط، فالذين كانوا يسكنون معه في البيت بعمان هم الذين نقلوا للشيخ هذه المناظرة، وما كانوا يتصورون أن يتجرأ هذا الرجل على نشر هذه المفتريات والأكذوبات، فلما أرسلها إلى مصر وانتشرت في مصر عثروا على بعض أشرطة للشيخ، ففضح الأمر وفضح الفاعل، وهذا باب من أبواب دفاع الله عز وجل عن المؤمنين كما وعد في كتابه:{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}[الحج:٣٨].