قال:[مر القاسم بن محمد بقوم يتكلمون في القدر، فقال: انظروا ما ذكر الله تعالى في القرآن فتكلموا فيه، وما كف عنه فكفوا] أي: لا تذكروا القَدَرَ إلا بالقَدْرِ المذكور في كتاب الله لا تزيدوا عليه، ولا تخوضوا فيه؛ لأن هذا القول يؤدي إلى الحيرة، والتيه، والضلال والابتداع في دين الله ما لم ينزل به سلطاناً.
قال:[وقال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: قال رجل: لقد دخلت في هذه الأديان كلها فلم أر شيئاً مستقيماً].
يعني: كأن هذا الرجل يقول: دخلت في القدرية والمعتزلة والمرجئة وغير ذلك من الفرق الكبار في زمن مالك فلم أر شيئاً منها مستقيماً.
[فقال رجل من أهل المدينة من المتكلمين: فأنا أخبركم لم ذلك؟ -أي: لم دخل هذا الرجل في كل الأديان ولم ير شيئاً منها قط مستقيماً- قال: لأنك لا تتقي الله، فلو كنت تتقي الله جعل الله لك من أمرك مخرجاً].
أي: نور بصيرتك، وهداك إلى معرفة الحق، والله تعالى يقول:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}[محمد:١٧]، فالمهم أن يعقدوا قلوبهم على الهدى ويحبوه، ويبذلوا المهج في سبيل الوصول إليه، ثم الله تعالى يوفقهم لذلك بعلمه صدق نيتهم، أما من كان يتنطع ويتعمق ولا يريد الوصول إلى الحق؛ فإن الله تبارك وتعالى يضله، ويجعله يتيه في ظلمات الضلال هنا وهناك.