[من نعمة الله على الشاب والأعجمي أن يهتدي على أيدي أهل السنة]
قال: [وعن أيوب بن سويد عن ابن شوذب قال: من نعمة الله على الشاب والأعجمي إذا نسكا -أي: إذا تدينا- أن يوفقا لصحب سنة يحملهما عليها].
لأن الأعجمي يأخذه من يسبق إليه.
وهذا الكلام يا إخواني! أحرى أن نقتدي به، فمن سعادة الشاب والأعجمي إذا دخلا في الإسلام أن يوفقا لرجل من أصحاب السنة يحملهما عليها، ويؤدبهما بآدابها، ويخلقهما بأخلاقها؛ لأن الغالب أن الشباب فيهم فورة وفتوة وقوة، ويحبون إظهار ذلك، فإذا لم تضبط هذه الشهوة في عقله وقلبه فلابد أنه سيفرط بها.
والأعجمي غالباً إنما يوفق للإسلام على يد صوفي أو شيعي أو مرجئ أو خارجي أو أشعري، وهذا وإن كان شراً إلا أنه أفضل من أن يلقى الله بالكفر البواح، فالإنسان لما يلقى الله تعالى متأولاً لبعض الصفات فهذا بلا شك أرحم من أن يلقى الله بالكفر البواح، وإن كان شراً.
ولذلك نجد شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: الفرقان بين الحق والباطل، وهو كتاب عظيم جداً، وننصح دائماً بقراءته، وقبل قرائته ننصح بالصبر عليه؛ لأن هذا الكتاب من أصعب عبارات شيخ الإسلام ابن تيمية، فهو يؤصل فيه مذهب سلفنا رضي الله عنهم في الحق والباطل، وفي الخير والشر، وفي كثرة الذنوب وقلتها، وغلبة ذلك بالعمل الصالح، أو غلبته على العلم الصالح، فيقول: بعض الشر أهون من بعض، ولئن يلقى العبد الله تعالى ببدعة خير من أن يلقاه بالكفر البواح.
وهذا كلام جميل ومتين، وهو كلام أئمة فتح الله عليهم، لكن بلا شك أن أسعد الأحوال أن يوفق الإنسان لمن يأخذ بيديه إلى الله عز وجل أخذاً طيباً، أخذاً مباركاً، أخذاً مستقيماً، ولذلك يحرص أهل البدع دائماً على أن ينزلوا في أماكن فيها شباب متعجل ومتسرع، فيرى أن التغيير مثلاً لابد أن يكون باليد وبالسلاح وغير ذلك، وما عندهم قط إلا الحمية التي في الغالب تهلك صاحبها؛ لأنها غير منضبطة بأصول شرعية أو علمية أو سلفية، فسرعان ما يكلف هذا الساخن بخط يركبه فيودي به إلى الهاوية، إذ إن هذا أمر لا يعنيه، ولم يفكر فيه، والمهم أن الشيخ أمره بكذا، أو العالم أمره بكذا، ولو أنه علم أن كلمة (عالم) لا تطلق على كل أحد ما تبعه، وإنما هو أخ مثله تماماً، وربما سبقه إلى إطلاق لحيته، وتقصير ثوبه بعام أو عامين، ولا يلزم منه أن يكون طلب العلم، بل جلهم لم يطلب العلم، وليس عنده استعداد قط لطلب العلم، وإذا ذكر العلم تندر وتفكه بمن يهتمون بطلب العلم، وهذا أمر فيه سوء أدب شديد جداً مع طلب العلم الذي أمرنا به شرعاً.
قال: [وقال عمرو بن قيس الملائي: إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه].
أي: إذا رأيت الشاب في أول التزامه مع أهل السنة وأصحاب الاستقامة والفكر السليم؛ فارجو خيره.
قال: [وإذا رأيته مع أهل البدع فايأس منه]، أي: لا تؤمل عليه، ولا تعقد عليه الأمل؛ لأن الأمل فيه قليل إن لم يكن نادراً.
قال: [فإن الشاب على أول نشؤه.
قال: وسمعت عمرو بن قيس يقول: إن الشاب لينشأ، فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يسلم، وإن مال إلى غيرهم كاد أن يعطب].
أي: يفسد ويتلف.
قال: [فرحم الله أئمتنا السابقين، وشيوخنا الغابرين، فلقد كانوا لنا ناصحين، وجمعنا وإياهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، ولا جعلنا من الأئمة المضلين، ولا ممن خلف محمداً صلى الله عليه وسلم في أمته بمخالفته، وجاهده لمحاربته، والطعن على سنته، وشتم صحابته، ودعا الناس بالغش لهم إلى الضلال، وسوء المقال].
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.