قوله تعالى:(إن لبثتم إلا عشراً)(ما لبثوا غير ساعة)(إن لبثتم إلا يوماً)
أما قوله عز وجل:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}[الروم:٥٥]، أي: يوم تقوم الساعة ويبعث الناس من قبورهم يقسم المجرمون أنهم ما لبثوا في القبر غير ساعة واحدة، وقالوا:{يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا}[طه:١٠٣]، أي: يتهامسون فيما بينهم يقول بعضهم لبعض: ما لبثتم أكثر من عشر، فطائفة تقول: ساعة، وطائفة أخرى تقول: عشراً، وقال:{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا}[طه:١٠٤]، وقال:{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء:٥٢]، ومن أجل ذلك شك الزنادقة كم لبثوا؟ يوماً عشراً ساعة قليلاً يوماً.
فقوله تعالى:{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا}[طه:١٠٣] يقولون ذلك إذا خرجوا من قبورهم، وذلك إذا نظروا إلى ما كانوا يكذبون به من أمر البعث؛ لأن أول شيء تقع عليه أعينهم حين يبعثهم الله من قبورهم أنهم يرون ما كانوا يكذبون به في الحياة الدنيا، فيتجادلون ويختصمون ويتكلمون فيما بينهم، ويقول بعضهم لبعض: إن لبثتم في القبور إلا عشر ليال، ثم استكثروا العشر، فقالوا:{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا}[طه:١٠٤]، أي: في القبور، ثم استكثروا اليوم فقالوا:{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء:٥٢]، ثم استكثروا القليل فأقسموا ما لبثوا غير ساعة من نهار، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة.