قال: [وعن بشير بن كعب العدوي قال: (سأل غلامان شابان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: أنعمل فيما جفت به الأقلام وجرت فيه المقادير، أم شيء يستأنف؟ فقال: بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، فقالا: ففيم العمل إذاً؟ فقال: كل عامل ميسر لعمله الذي هو عامل.
قالا: فالآن يَجِدُّ أن نعمل -وفي رواية-: يجب أن نعمل)]، إذا كان كل منا ميسراً لما خلق له ويعمل على مقتضى المكتوب، وانظر إلى هذين الغلامين! الغلام: اسم للطفل الذي لم يبلغ الحلم، والجارية: اسم للطفلة التي لم تبلغ الحلم.
تصور أن غلامين سألا النبي عليه الصلاة والسلام: يا رسول الله! هذا الذي سنعمله لأمر قد فرغ منه أم لأمر مستأنف؟ قال: لا، لأمر قد فرغ منه، قالا: ففيم العمل إذاً؟ فوضح لهم أن كل واحد ميسر لما خلق له، ولما هو مكتوب في الكتاب الأول، فقالوا: إذاً: يجب علينا أن نعمل.
والعجيب أنك تجد بعض الشباب يقول: نحن من أهل النار، فلم نعمل؟ أنا أريد أن أعرف من الذي قال لك أنك من أهل النار؟ كما أنه من الذي قال لك أنك من أهل الجنة؟ بل ينبغي أن تعض على الطاعة بالنواجذ حتى يختم لك بعمل أهل الجنة، لكن عندما تقطع بأنك من أهل الجنة! فهذا تألٍ على الله عز وجل، وافتراء وكذب على الله عز وجل، لو أنك أردت أن تدخل النار وأراد الله لك الجنة دخلت الجنة، فانظر! حتى هذه ليست لك، ولو أردت أن تكفر وأراد الله لك الإيمان لا يمكن أن تكفر، أي: لو أردت الإيمان وأراد الله لك الكفر إرادة كونية قدرية لا يمكن أن يكون إلا ما أراد الله عز وجل.
إذاً: كيف تقطع لنفسك بجنة أو نار، بسعادة أو شقاء إذا كنت تعلم أن هذا كله بيد الله تعالى؟ إذاً: لابد أن تجد وأن تجتهد في العمل الذي يوصلك إلى دار النعيم.
قال: [وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيت يا رسول الله ما نعمل فيه، أفي أمر مبتدأ أو مبتدع -يعني: جديد- أو فيما قد فرغ منه؟ قال: فيما قد فرغ منه، قال: أفلا نتكل؟)]، نتكل على هذا يا رسول الله! ونجلس وننام، لأن الكتاب قد فرغ منه ففيم العمل؟ قال: [(أفلا نتكل؟ قال: اعمل يا ابن الخطاب! فكل ميسر، أما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل عمل أهل الشقاء، وأما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل عمل أهل السعادة)].