[ما ورد عن السلف في التحذير من المعاصي وأنها تنقص الإيمان أو تحبطه]
[وقال الحسن: ما يرى هؤلاء الناس أن أعمالاً لا تحبط أعمالاً، والله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات:٢]]، وهذه الآية ترد على من يقول إنه لا توجد أعمال تحبط أعمالاً، فهذه الآية تثبت أن رفعكم لأصواتكم على النبي صلى الله عليه وسلم، وتقدمكم بين يديه، واعتراضكم على سنته بالجحود، وزعمكم أنها مخالفة للقرآن تارة وأنها غير صحيحة أخرى، وأنها لا تتفق مع العقل ثالثة، وأنها وأنها هذا كله تقدم بين يدي الله ورسوله ورفع للصوت فوق صوت النبي عليه الصلاة والسلام؛ فإذا كانت لكم أعمال صالحة فقد حبطت بهذا القول.
[وقال عبد الله بن عتبة بن مسعود حينما رأى رجلاً صنع شيئاً من زي الأعاجم قال: ليتق الله رجل أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر].
يعني: لأنه مطالب أن يخالف كل من لم يكن على ملة الإسلام.
[قال محمد بن عبد الرحمن: فظننته أخذ ذلك من هذه الآية: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١]].
[وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب إلى عدي بن عدي رسالة بعض ما فيها: أما بعد: فإن للإسلام شرائع وحدوداً من استكملها استكمل الإيمان]، وهذا يدل على أن كل من أتى شرعة أو منهاجاً أو حداً من الحدود، يزيد إيمانه، قال: [ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش أبينها لكم].
أي: إذا عشت أبين لكم هذه الحدود وهذه الشرائع، قال: [وإن أمت، فالله ما أنا على صحبتكم بحريص].
ثم أتت روايات كثيرة جداً عن كثير من السلف تثبت أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
[قال حذيفة: ليأتين عليكم زمان يصبح الرجل فيه بصيراً، ويمسي وما ينظر بشفر].
[وقال أيضاً: إن الرجل ليصبح بصيراً ثم يمسي وما ينظر بشفر].
وهذا يدل على أن الرجل يصبح مؤمناً ويمسي كافراً كما في الحديث (يبيع دينه بعرض من الدنيا) أي: قليل.
[وعن عبد الله قال: يأتي الرجل رجلاً لا يملك له ولا لنفسه ضراً ولا نفعاً، فيحلف له أنك لذيت وذيت، ولعله لا يحلى منه بشيء، فيرجع وما معه من دينه شيء، ثم قرأ عبد الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا} [النساء:٤٩ - ٥٠].
[وقال عمران بن حصين حينما رأى رجلاً في يده حلقة من صفر -يعني: من نحاس- قال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، يعني: أنا اتخذتها حتى تقوي ضعف بدني ووهنه، قال: أما إنها لن تزيدك إلا وهناً، ولو مت وأنت ترى أنها نافعتك لمت على غير الفطرة].
والنص الآخر لـ[ابن مسعود يقول فيه: إن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه، فيلقى الرجل له إليه الحاجة فيقول: إنك لذيت وذيت يثني عليه، وعسى ألا يحلى بحاجته بشيء، فيرجع وقد أسخط الله وما معه من دينه شيء].
فأنتم تعلمون أن معظم الشعب المصري بهذا الشكل هذا، حينما يكون له مصلحة عند واحد يذهب يقول له: يا سلام! أنت فيك كذا وكذا وكذا، وأنت الذي تملك النفع والضر، وأنت الذي بيدك أن تقضي هذه المصلحة أو توقفها، وأنت وأنت مع أن هذا كله ملك لله عز وجل، فهذا الحق لله يجعله هذا المنافق لغير الله تبارك وتعالى من خلقه الذين لا يملكون لأنفسهم في حياتهم نفعاً ولا ضراً، بل وبعض الناس يزيد فيجعل هذا في يد الأموات، فيتوسلون بالأضرحة ويطلبون منها الحاجات ودفع المضرات! وهذا ليس إلا لله عز وجل، وهؤلاء الموتى لا يملكون ذلك لأنفسهم وهم أحياء، فكيف يملكونه لغيرهم وهم أموات؟ وهم يعتبرون هذه الكلمات من باب المجاملة، بل هذا باب عظيم جداً من أبواب النفاق، كيف تزكي نفسك؟ وكيف تزكي غيرك وأنت تعلم أنه ليس أهلاً للتزكية؟ ولذلك الواحد يأتي يطلب شهادة أو تزكية للجهة الفلانية، ولو أن الشيخ لم يعطه فإنها تقوم الدنيا ولا تقعد على رأس الشيخ هل أنت تعتقد أن هذه شهادة أم لا؟ يقول لك: نعم هذه شهادة وأنت تسأل عنها يوم القيامة.
تقول له: إذا كنت تعرف أنني أسأل عنها يوم القيامة، هل أنا أعرفك؟ يقول لك: أنا صرت شيخاً مثلك تقول له: أنت بستاني لا أعرفك، اذهب للشيخ الذي يعرفك فيزكيك، يقول لك: الشيخ الذي بجوار بيتنا، والشيخ الذي يعرفني بيني وبينه مشاكل وخلافات.
إذاً: أنت إنسان قليل أدب لا تستحق التزكية، فأنت حكمت على نفسك أنك لا تستحق.
فالذي يجعلك تختلف مع الشيخ الذي بجوارك، يجعلك تختلف مع أساتذتك وشيوخك في الخارج، في الجامعة الإسلامية مثلاً أو جامعة أم القرى التي أتيت