قال: [عن عثمان بن سهل بن حنيف أنه سمع عمه عثمان بن حنيف يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامه بمكة يدعو الناس إلى الإيمان بالله، والتصديق به قولاً بلا عمل)] أي: في أول الأمر، وأنتم تعرفون أن التكاليف الشرعية نزلت في المدينة.
فإذاً: إقام النبي عليه الصلاة والسلام في مكة سنوات طويلة يدعو إلى الإيمان وتوحيد الله عز وجل، لم تنزل التكاليف بعد.
فقوله:(بلا عمل) أي: بلا عمل من أعمال الجوارح، وإلا فالإيمان نفسه عمل القلب، وعمل القلب بالاعتقاد والإقرار والإذعان، وكذلك هو عمل الجارحة وهو اللسان، أي: النطق بالشهادة، لكنه هنا تجّوز في اللفظ؛ لأنه يتكلم هنا عن أعمال الجوارح، أي: ولم يكن مطلوباً منهم عمل الجوارح.
ثم قال:[والقبلة إلى بيت المقدس، فلما هاجر إلينا -أي: إلى المدينة- نزلت الفرائض فنسخت المدينة مكة، والقول لها أم القرى، ونسخ البيت الحرام بيت المقدس، فصار الإيمان قولاً وعملاً] أي: أن الفرائض والأوامر والنواهي والحلال والحرام كل ذلك نزل في المدينة، والإيمان بعد أن كان قولاً بلا عمل صار قولاً وعملاً.