ولا بد أن تعلم -قبل البدء- أن الجدال منه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم فالجدال المحمود هو كما قال الله تعالى:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل:١٢٥]، فمعنى (التي هي أحسن): قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع العلماء، وهي حجة أقوى من حجة الخصم.
فهذا هو الجدال بالتي هي أحسن.
وأما أن تقصد بهذه المجادلة وهذه المنازعة الباطل، أو الانتصار للرأي، أو العصبية لفلان أو علان، أو قومك أو عشيرتك، أو انتصاراً لرأيك؛ فإن هذا هو الجدال المذموم.
وأما ما يشهده بعض الناس، وخاصة في مكة والمدينة في موسم الحج والعمرة في رمضان، أنهم يؤجرون المنازل ويغلون جداً في أسعار السكنى أو غيرها، فإذا جادلتهم في خفض الأسعار قالوا: يا فلان! لا تجادل في الحج.
كل من ذهب إلى مكة في موسم العمرة في رمضان، أو موسم الحج في ذي الحجة فإنه لا بد أن يسمع هذه الكلمة، فيعتبرون أن طلب خفض أسعار السكن، ومراجعة الملَّاك في هذه البلاد في مثل هذا الشأن جدالاً مفسداً للحج، أو يؤثر على ثواب الحاج!! وهذا بلا شك فهم مغلوط لمعنى الجدال المذموم، ومعنى الجدال الممدوح، فنتفق أولاً أن الجدال المذموم هو الجدال في دين الله عز وجل بالباطل، والذي يبتغى به رد آيات الله عز وجل، ورد أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام.