الحكم على حديث: (يدخل الجنة سبعون ألفاً من أمتي) وبيان معناه
السؤال
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (يدخل الجنة سبعون ألفاً من أمتي بغير حساب ولا سابقة عذاب -وذكر من أوصافهم أنهم- لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون)، فهل هذا الحديث صحيح؟
الجواب
نعم.
الحديث في الصحيحين، ومعنى هذا الحديث: أن هؤلاء السبعين يدخلون بغير حساب ولا سابقة عذاب، وأوصافهم: أنهم لا يكتوون، والكي مشروع، لكنه آخر الدواء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث فيهن الشفاء: شرطة بمحجم -وهي الحجامة- أو شربة عسل - {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل:٦٩]- أو كية بنار).
وقال: (آخر الدواء الكي) قيل: هو حديث، والحقيقة أنه ما روي من طريق إلا وفيه ضعف، فمنهم من قال: ليس بحديث أصلاً، ومنهم من ضعفه، وبعض المتساهلين قد أثبته حديثاً للنبي عليه الصلاة والسلام.
والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن من أوصاف هؤلاء السبعين الذين يدخلون الجنة ومع كل واحد سبعون ألفاً قال: (هم الذين لا يكتوون) أي: لا يكتوون لأول وهلة، أو أنهم يدعون الكي توكلاً على الله عز وجل، وأملاً في الشفاء من عنده؛ حتى يدركهم الموت بغير كي، فجمعوا بين ترك التداوي والتوكل على الله عز وجل، ولا شك أن هذه درجة عظيمة، والتداوي مشروع وجائز؛ ولذلك قال ابن القيم: ما كنا نتداوى إلا إذا مر على الداء ثلاثة أيام، وكنا نسترقي بفاتحة الكتاب وغيرها، فوالله لقد وجدنا أنها نافعة في الرقية.
ذكر هذا الكلام في بداية كتاب الداء والدواء، كما أنه ذكره في كتاب زاد المعاد، في الجزء الثالث: الطب النبوي.
قال: (هم الذين لا يسترقون ولا يرقون)، وقوله: (ولا يرقون) رواية شاذة؛ وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام رقى، كان يرقي الحسين ويعوذ الحسن والحسين بالمعوذتين.
أما قوله: (هم الذين لا يسترقون) أي: لا يطلبون الرقية، لكن هذا لا يمنع أن تقع عليهم الرقية بغير طلب، فالذي يطلب الرقية يسترقي؛ لأن الألف والسين والتاء للطلب، فاسترقى فلان أي: طلب الرقية، فكونه استرقى خرج من السبعين ألفاً، وبعض الناس يفهم من هذا الكلام أنه لو استرقى دخل فيهم، وهذا خطأ، إنما المفهوم أنه خرج من الفئة التي تدخل الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.
إذاً: النص الصحيح: (يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب.
قيل: من هم يا رسول الله؟! قال: هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون).
أما الرواية القائلة: (هم الذين لا يرقون) فهي رواية شاذة، والصحيح أنهم: (الذين لا يسترقون) أي: لا يطلبون الرقية من غيرهم.