قال: [وقال مكحول: السنة سنتان: سنة الأخذ بها فريضة وتركها كفر، وسنة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير حرج.
قال الشيخ: وأنا أشرح لكم طرفاً من معنى كلام مكحول يخصكم ويدعوكم إلى طلب السنن التي طلبها والعمل بها فرض، والترك لها والتهاون بها كفر.
فاعلموا رحمكم الله أن السنن التي لزم الخاصة والعامة علمها، والبحث والمسألة عنها والعمل بها؛ هي السنن التي وردت تفسيراً لجملة فرض القرآن مما لا يعرف وجه العمل به إلا بلفظ ذي بيان وترجمة، كما قال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:٤٣] وقال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ}[البقرة:١٩٦]، وقال:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة:١٨٣]، وقال:{وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[البقرة:٢١٨]، وقال:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}[النساء:٣] وقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة:٢٧٥].
فليس أحد يجد سبيله إلى العمل بما اشتملت عليه هذه الجمل من فرائض الله عز وجل دون تفسير الرسول عليه الصلاة والسلام].
وهذا من سنن الفرض الذي من تركه كفر، بخلاف سنن العادة، أي: ما كان من خاصة الجبلة التي خلق الله عز وجل عليها الخلق.
نكتفي بهذا القدر، سائلين الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.