أثر أنس:(ما من شيء كنت أعرفه على عهد النبي إلا قد أصبحت له منكراً)
قال:[وعن أنس قال: ما من شيء كنت أعرفه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا قد أصبحت له منكراً]، كل ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام أدركه أنس، فرأى الأخلاق والصفات التي لم يجد منها شيئاً في زمن التابعين؛ ولذلك كان يبكي كثيراً على هذا؛ لأنه أنكر أخلاق التابعين.
قال:[إلا أني أرى شهادتكم هذه ثابتة]، يعني: تقولون: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهكذا كان يقول الصحابة رضي الله عنهم، فأنتم تشابهونهم في أصل الشهادة، لكنكم لا تعملون مقتضى هذه الشهادة كما كان يعمل بمقتضاها صحابة النبي عليه الصلاة والسلام.
قال:[فقيل له: يا أبا حمزة! فالصلاة؟ قال: قد فعل فيها ما رأيتم].
يعني: قد انحرفتم عن هديه عليه الصلاة والسلام وعن سنته فيما يتعلق بالصلاة، وربما يكون أنس بن مالك أبو حمزة رضي الله عنه أشار إلى رفع الخشوع منها، والخشوع يا إخواني وإن كان عملاً قلبياً إلا أن القرائن الظاهرة تدل عليه، هب أن رجلاً دخل في صلاة فنقرها نقر الغراب، لا يكاد يتم فيها فاتحة الكتاب، ولا يكاد يستوي ظهره حتى يسبح ثلاثاً ولا حتى واحدة، فهذه كلها قرائن تدل على أن هذا الإنسان لم يصل صلاة صحيحة، فضلاً عن أن يكون خشع في صلاته؛ ولذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام رجلاً أن يعيد الصلاة مرة أخرى، قال:(ارجع فصل فإنك لم تصل) لما وجده ينقر صلاته، حتى اعتذر إلى النبي عليه الصلاة والسلام بأنه لا يحسن أكثر من ذلك، فعلمه النبي عليه الصلاة والسلام كيفية الصلاة، وأذكار الصلاة، والحديث فيها طويل، وهو المعروف عند أصحاب الحديث بحديث المسيء صلاته.
قال:[وقال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، قلت: ما يبكيك؟ قال: ما أعرف شيئاً مما كنا عليه إلا هذه الصلاة وقد ضيعت].
إذا كانت هذه المقولة من أنس بن مالك فلا غرابة أن يقول أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: دخلت مائة مسجد وصليت فيها ونظرت إلى أهلها، فما وجدت واحداً يصلي صلاة كصلاة رسول صلى الله عليه وسلم.
بلاء عظيم جداً نزل بالأمة في زمن التابعين، فما بالكم بهذا الزمان؟!