[مخالفة القدرية لما أثبته الملائكة والنبيون وأهل الجنة وأهل النار وإبليس من المشيئة لله]
قال:[وقال زيد بن أسلم: والله ما قالت القدرية كما قال الله تعالى، ولا كما قالت الملائكة، ولا كما قال النبيون، ولا كما قال أهل الجنة، ولا كما قال أهل النار ولا كما قال أخوهم إبليس]، ثم بين مخالفة معتقد القدرية بالدليل.
قال: [قال الله عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:٢٩]]، فهذا إثبات من الله أن مشيئة العباد تابعة ومندرجة تحت مشيئة الله عز وجل.
قال: [وقالت الملائكة: {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا}[البقرة:٣٢]].
فنفوا أنهم قد حصلوا العلم إلا من طريق الله عز وجل، وفي هذا إثبات أنه لا يقع في الكون إلا ما أراده الله تعالى.
قال: [وقال شعيب عليه السلام: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا}[الأعراف:٨٩]].
يعني: لا يمكن أن نخرج من الإيمان إلى غيره أو إلى ما كنا عليه قبل البعثة والرسالة إلا إذا شاء الله تعالى ذلك؛ فأثبت أن الهداية والثبات على الإيمان بيد الله، وأن الانحراف عن الهدى بيد الله عز وجل.
قال: [وقال أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}[الأعراف:٤٣]].
فالهداية بيد الله عز وجل بإقرار وشهادة أهل الجنة.
قال: [وقال أهل النار: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ}[المؤمنون:١٠٦].
وقال أخوهم إبليس:{رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}[الحجر:٣٩]]، إذاً: إبليس نفسه يعرف أن الغواية والضلال بيد الله، ولم يقل: ربي بما أغويت نفسي، وإنما قال:{رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}[الحجر:٣٩].