وأما يومنا هذا؛ فإن شاء الله تعالى سوف نتكلم من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وأخبار أصحابه والتابعين الكرام، وفقهاء المسلمين بما فيه شفاء وكفاية وغنية؛ لإثبات أنهم كانوا يعتقدون أن الأعمال من الإيمان، وأن الإيمان أعمال.
أصل الإيمان لا يتصور فيه النقصان، والفارق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان، أن الإيمان المطلق هو الإيمان الكامل التام، أما مطلق الإيمان فهو أصل الإيمان.
وقد قلنا إن الإيمان كالدائرة الصغيرة في وسط دائرة كبيرة هي الإسلام، فمن سقط من دائرة الإيمان لا يزال في دائرة الإسلام، ومثلنا بهذا.
لكن هذه الدائرة الصغيرة من دوائر الإيمان فيها مرتبتان من مراتب الإيمان: مرتبة مطلق الإيمان، ومرتبة الإيمان المطلق.
فالإيمان المطلق هو: الإيمان الزائد المتكامل المتناهي في الزيادة.
أما مطلق الإيمان فهو: أصل الإيمان.
ولا يتصور في مطلق الإيمان النقصان؛ لأن عقيدة أهل السنة أن مطلق الإيمان يزيد، فيبقى نقصان أصل الإيمان محل نزاع، والذي يترجح لي أن مطلق الإيمان لا يقبل النقصان؛ لأنه إذا قبل النقصان فإنما يكون إلى الزوال.
وبعض أهل العلم يقولون: إذا كان الإيمان هو التصديق، والأصل في الإيمان أنه إقرار وإذعان -لكن هذا على مذهب المرجئة الذين يقولون إن الإيمان هو التصديق- فيقولون: لا يتصور نقصان الإيمان إلا إلى زوال.
وبعض أهل السنة يردون عليهم كـ ابن تيمية وغيره ويقول: بل نفسه يزيد وينقص، كما لو دخل علينا واحد وهو من الثقات فقال: هناك حرائق خلف المسجد، فنحن نصدقه لأننا نعلم أنه ثقة، لكن لو دخل ثانٍ وثالث ورابع وعاشر ومائة وكلهم أجمعوا على نفس خبر الثقة الأول، فلا شك أننا نزداد بذلك تصديقاً ويقيناً، وهذا الذي يسمى عند أهل العلم التواتر الذي يفيد العلم اليقيني.