للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إرسال الله للرسل لدعوة الناس إلى عبادته، وإرسال الشياطين على الكافرين تحرضهم على المعاصي]

قال: [فالرسل في الظاهر تدعوهم إلى الله وتأمرهم بعبادته وطاعته، ثم أرسل الشياطين على الكافرين يدعونهم إلى الشرك والمقام على الكفر والمعاصي -أي: البقاء والاستمرار على الكفر والمعاصي- كل ذلك ليتم ما علم، ولا يكون إلا ما أمر].

إذ إن الله تعالى لا يأمر بالشر، وإنما يأمر بالخير والطاعة، وهذا المقصود منه أمر التكوين وليس التفريق.

قال: [ولا يكون إلا ما أمر -أي: أمراً كونياً قدرياًَ لا شرعياً دينياً- فسبحان من جعل هذا هكذا، وحجب قلوب الخلق ومنعهم على مرادهم في ذلك وجعله سره المخزون -أي: القدر هو سر الله تعالى المخزون- وعلمه المكتوم، ويصدق ذلك قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم:٨٣]].

أي: أن الله عز وجل هو الذي أرسل الشياطين على الكافرين تحرضهم على المعصية، وتأمرهم بأن يقيموا عليها ولا يتركوها.

قال: [وقال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة:١٠٢]، أي: أن الشياطين هم الذين يعلمون الناس السحر، {وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:١٠٢]-أي: أن الشياطين يعلمون أن هذا السحر كفر- {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة:١٠٢]].