[فتوى الإمام أحمد بمقاطعة ذوي الأرحام القائلين بالوقف]
قال:[حدثنا محمد بن أبي حرب الجرجرائي قال: سألت أبا عبد الله عن رجل له والد واقفي -أي: عن رجل له والد ممن يتوقف في القرآن- قال: يأمره ويرفق به -أي: يأمره بكلام أهل الحق ويرفق به؛ لأنه أبوه- قلت: فإن أبى؟ قال: يقطع لسانه عنه] أي: يهجره ويخاصمه مع أنه أبوه.
قال:[وسألت أبا عبد الله عن رجل له أخت أو عمة ولها زوج واقفي؟ قال: يأتيها ويسلم عليها -أي: له أن يذهب إلى بيتها ويسلم عليها- قلت: فإن كانت في الدار له -أي: لزوج العمة أو لزوج الأخت- قال: يقف على الباب ولا يدخل].
فانظروا إلى أي درجة؟! يقف على الباب ولا يدخل! قال:[حدثنا أحمد بن أصرم المزني المغفلي، قال: سمعت أبا عبد الله وقال له رجل له أخ واقفي: فأقطع لساني عنه؟ قال: نعم، مرتين أو ثلاثاً].
أي: أنه قال: نعم مرتين أو ثلاثاً.
[قال حدثني الحسين بن حسان، سمع أبا عبد الله، سأله الطالقاني عن الواقفة فقال أحمد: لا يجالسوا ولا يكلموا].
ونحن قبل ذلك عندما كنا نتكلم عن الموقف من أهل البدع في أول الكتاب قلنا: إن أئمة الدين أبوا الجلوس مع أئمة البدع والضلالة، بل والتحادث إليهم، لكن الآن عندما يظهر شخص من أهل البدع ترى الناس يقولون: لماذا يا شيخ لا تذهب وتناقشه؟! يا أخي! لا يصح أن نناقشهم ولا أنت، ولذلك افرض أن عنده شبهات وضلالة، فماذا ستكون النتيجة؟ مع أنه ليس مطلوباً منك كل هذا، وإنما المطلوب منك أن تهرب من مواطن الفتن، وأنا قد أخذت ما هو واجب علي، فلا أتعرض له ولا أجالسه ولا أحدثه؛ لأنني أخاف على نفسي، أما أنت كطالب فما زلت مبتدئاً لا شيء عندك من الحصانة العلمية، ثم تريد أن تناقش رأساً في الضلالة؟ أنت كذلك ستقول: لا، لابد من المناظرة، ثم لماذا يا شيخ تخاف من ذلك؟ يا أخي لست خائفاً منه، لكني خائف على نفسي، هو لن يقتلني ولن يؤذيني إلا في عقيدتي، فأنا أهرب ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، يقول: لا، إن الواجب عليكم أن تبينوا الحق للناس، فأقول له: وهل هذه الفلسفة التي تقولها خفيت على سلف الأمة عندما امتنعوا عن محادثة أهل البدع؟ لم تخف عنهم، لكنه الأصل الأصيل الذي هو بناء السد بينك وبين الفتن، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.