للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علم الله مطلق وعلم الخلق محدود]

أنت الآن لا تعلم إلا بعض ما مضى عليك، وأما المستقبل فلا تعلمه، فربما تنزل علينا صاعقة من السماء فلا يقوم منا أحد، فلا تقل: بعد خمس دقائق سأقوم وأتوضأ أو أنطلق إلى المسجد، فهل ضمنت أن تحيا خمس دقائق؟ وما مضى من أحداث لا تذكر منها إلا اليسير.

وأما علم الله عز وجل فهو مطلق، وهو على الكمال التام في كل أسمائه تعالى وصفاته، فالله تعالى علم ما كان وما يكون وما سيكون، وما لو كان كيف يكون، ويعلم الفعل وكيف يكون الفعل، ويعلم القول وكيف يكون بالقول، فهو علم مطلق شامل لا يحده حد.

وعلم العباد لا يتساوى مع علم الله عز وجل، وكذلك بقية الأسماء والصفات، فالله تبارك وتعالى مالك الملك، فهو المالك سبحانه وتعالى، وهو المتصرف فيما يملك بكل أنواع التصرف، وهذا هو الأصل في الملك، والإنسان ليس مالكاً حقيقياً؛ لأن مالك الملك يملكك وما تملك، ولذلك أمرك أن تصنع في مالك المعروف، ونهاك أن تصنع فيه المنكر، فلا تقل: سأشرب بمالي الخمر؛ لأنك تأثم بذلك وهو محرم عليك، فلا تتصرف في مالك إلا على وفق الشرع الذي شرعه مالك الملوك سبحانه وتعالى، وأما الله تبارك وتعالى فيتصرف في ملكه كيف شاء، فهو يهدي فلاناً ويضل فلاناً، ويسعد فلاناً ويشقي آخر.

وإذا أسعد فلاناً فهذا فضل الله عز وجل، وإذا أشقى فلاناً فهذا عدل من الله عز وجل؛ لأن أفعال الله تعالى تدور بين الفضل والعدل، وكلها متصفة بالحكمة.