[قال ابن عباس: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من عمل لله في الجماعة فأصاب تقبل الله منه، وإن أخطأ غفر الله له)].
فقوله:(من عمل لله) يعني: أن يكون هذا العمل خالصاً.
والسلف إما زمناً وإما معنى، يعني: أن السلف رضي الله عنهم عند الإطلاق نعني بهم أصحاب القرون الخيرية، وهم الصحابة والتابعون وأتباع التابعين والأئمة المتبوعون، فهؤلاء هم سلفنا، لكن كلمة (سلف) لها معنى آخر، وهو المنهج، يعني إما أن يكون سلفي الزمن وإما سلفي المنهج، فالسلف عند الإطلاق يعنون به سلفية الزمان الأول وسلفية المنهج، وليس كل من تقدم سلفياً، فالفرق الباطلة ظهرت في القرن الأول الهجري، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:(خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).
وهذا لا يعني أنهم من خير القرون، وإنما يعني أن جل أصحاب هذه القرون هم خير الناس، بخلاف من شذ عنهم وبخلاف من فارقهم، فقوله هنا عليه الصلاة والسلام:(خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم).
هؤلاء سلفية الزمن والمنهج، ثم يأتي بعد ذلك سلفية المنهج، فـ ابن تيمية كان سلفياً وكذلك ابن القيم وابن نصر المروزي، وغيرهم من أهل العلم قديماً وحديثاً إلى يومنا هذا من الدعاة الذين لا علاقة لهم بهذه الجماعات الموجودة على الساحة، إلا الالتزام بالكتاب والسنة على نهج السلف الصالح، فهؤلاء سلفيو المنهج، وهم الجماعة سواء عرفتهم أو لم تعرفهم، وهم شيء واحد، وقد كان الواحد منهم -أي: في القرون الخيرية- يرسل السلام إلى صاحبه في المغرب وهو في المشرق؛ لأنه يعلم أنهما شيء واحد لاتحاد المنهج، وهذه هي في حقيقتها الجماعة.
وقوله:(وإن أخطأ)، أي: في عمله لله في الجماعة (غفر الله له).
ثم قال: [(ومن عمل لله في الفرقة؛ فإن أصاب لم يقبل الله منه، وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار)].