الحقيقة أن تخصيص علي بالسلام دون صحابة النبي عليه الصلاة والسلام أمر مبتدع لم يكن معروفاً عند سلفنا، إلا ما جاء عن الشيعة أنهم يقولون عن علي بن أبي طالب وأئمة البيت عليهم السلام.
ومن جهة الاعتقاد واللغة لا بأس أن نقول: عليهم السلام، لكن لا يختصون به دون بقية الأشخاص، فالصحابة جميعاً عليهم السلام.
أما تخصيص علي وآل بيته بذلك فمشعر بشيء من التشيع، لذلك لم يكن سلفنا رضي الله عنهم يخصون أهل البيت بالسلام، وإنما يقولون: علي رضي الله عنه، الحسن رضي الله عنه، الحسين رضي الله عنه، فاطمة رضي الله عنها، وغير ذلك من آل بيته عليه الصلاة والسلام.
قال:[قال علي رضي الله عنه: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقول أحد: الله الله]، أي: لا يزال الناس في نقصان حتى لا يقول أحد: الله الله.
ومعنى:(حتى لا يقول أحد: الله الله)، أي: لا يستعلن أحد بذكر الله عز وجل، وليس معنى ذلك أن الأرض لا يبقى عليها أحد أبداً يعرف ربنا، ولا يقول: الله الله، بل لا يزال الناس في نقصان، حتى يخشى أهل الإيمان ألا يقول أحد: الله الله.
ونحن الحمد لله نصلي ونصوم ونرفع الأذان، ونعمل كل شيء في هذا الوقت، والحمد لله أيضاً أنه لم يجعلنا من أهل الزمان الذي لا يمكن لنا أن نرفع أصواتنا، ولا أن ننطق بألسنتنا لفظ الجلالة، إذ نحن في نعمة عظيمة جداً فلنحافظ عليها، والمحافظة عليها لا تكون إلا بالعلم والدعوة إلى الله عز وجل، ولا يزال باب الخير مفتوحاً، وباب الدعوة على مصراعيه.
والمسلم في دعوته إلى الله سيصيبه ما أصاب نبيه عليه الصلاة والسلام، إذ إن الأرض لم تفرش يوماً حريراً له، فقد أصابه ما أصابه في الحروب وغيرها، وكان الواحد من الأعراب يأتي فيأخذ بتلابيبه، أو يأخذ بثوبه حتى يؤثر ذلك في رقبته عليه الصلاة والسلام، ومع هذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يحلم عليه؛ ولذلك كان الصبر هو عدة الداعية إلى الله عز وجل، فمهما وقع بك من أذى فاصبر؛ لأن هذا طريق النبوة، وهذا طريق الدعوة، فتدعو إلى الله وإن أصابك أذى؛ لأنه سبحانه هو الذي أمرك بالصبر على ذلك في قوله:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:١ - ٣]، أي: تواضوا فيما بينهم بالحق الذي هم عليه، وتواصوا فيما بينهم بالصبر على ذلك، والصبر عبادة كالجهاد، وحذار أن تظن أن الصبر سلاح لا ينفع، وأن الدعاء سلاح لا ينفع، فهذا خلل في اعتقادك! وحذار أيضاً أن تتصور أنه لا وقت للدعاء، وأنه لا وقت للصبر، إذ إن عبادة الوقت الآن هي الدعوة إلى الله عز وجل وطلب العلم والصبر على ذلك، وليس أمامك سبيل مفتوح الآن إلا هذا، فأنت مطالب أن تتعبد إلى الله عز وجل بما هو في وسعك ومقدورك، وهذا هو الذي في مقدورك الآن.