بيان أن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته
قال: [عن عامر بن سعد بن أبي وقاص رحمه الله عن أبيه سعد رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن من أعظم المسلمين جرماً رجل سأل عن شيء ونقر عنه لم يكن نزل فيه -أي: لم ينزل فيه قرآن ولا وحي-، فحرم من أجل مسألته)].
أي: أعظم الناس جرماً رجل يتنطع ويسأل، ويتعمق في قضية لم ينزل فيها تشريع، فينزل التشريع بتحريم هذه المسألة لأجل سؤاله، وإلا فالحرام ما حرمه الله عز وجل في كتابه، وما حرمه رسوله عليه الصلاة والسلام في سنته، والحلال ما أحله الله في كتابه، وما أحله النبي عليه الصلاة والسلام في سنته، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فلا تسألوا عن أشياء سكت عنها الشرع، إن تسألوا عنها وتجحفوا في المسألة وبدت لكم تسؤكم؛ وذلك بأن تحرم عليكم، فتقعون في الحرج والمشقة؛ بسبب أنكم تعمقتم وتنطعتم، ودخلتم فيما لا يعنيكم، وسألتم عما لم تكلفوا بالسؤال عنه.
قال الخطابي في كتاب (معالم السنن): (هذا في مسألة من يسأل عبثاً وتكلفاً فيما لا حاجة به إليه، دون من سأل سؤال حاجة وضرورة) يعني: أن الذي يسأل للتعلم والعمل لا حرج عليه في ذلك، وهو مأمور بذلك، وأما الذي يسأل تكلفاً وتنطعاً فهذا هو المعني بهذا النهي.