أحاديث أبي موسى الأشعري في أن هناك فتناً كقطع الليل المظلم
قال: [وعن زيد بن وهب قال: أتينا أبا موسى الأشعري فذكر الفتنة، فقال: القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فتركناه وأتينا حذيفة].
وأنتم تعلمون أن حذيفة متخصص في باب الفتن وأشراط الساعة.
قال: [وأتينا حذيفة فقال: أتتكم الفتنة السوداء المظلمة المحبطة، ما أبالي في أيتها رأيتك.
وربما قال: عرفت وجهك، قتلاهم قتلى الجاهلية.
وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بين يدي الساعة -أي: قرب قيام الساعة- فتناً كقطع الليل المظلم)].
انظر إلى هذا التصوير! الفتن كقطع الليل، وشبه الليل بالقطع والأجزاء، كلما ذهبت قطعة كانت الثانية في إثرها، ظلمة وسواد.
قال: [(يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي؛ فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة؛ فإن دُخِلَ على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم)].
(فإن دخل على أحد منكم)، أي: في بيته، فليكن موقفه من هذا أن يسلم نفسه، حتى ولو كان ذلك للقتل؛ لأن هذا هو النجاة، وهذا هو الخير.
قال: [وعنه قال عليه الصلاة والسلام: (إن بين أيديكم فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً)].
هل تتصور هذا التقلب؟ رجل في أول النهار مؤمن، وفي آخره كافر، وفي آخر النهار مؤمن وفي الصباح كافر، لك أن تتصور هذا التقلب في أثناء الفتنة، فأنت في هذه الفتنة ملزم أن تدخل بيتك، وأن تغلق عليك بابك، وإذا دخل عليك بهذه الفتن العامة؛ فلا بأس أن تكون أنت المقتول، [(قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟! قال: كونوا أحلاس بيوتكم)]، فمهمتك في هذه الفتنة أن تدخل بيتك.
والأحلاس: جمع حلس، والحلس: هو الغطاء الملاصق لظهر البعير.
فكأنه عليه الصلاة والسلام أراد أن يقول: إذا وقعت فتنة فالزموا بيوتكم ولا تشاركوا فيها.