[إحداث أهل السنة لبعض الألفاظ التي لم تكن عند السلف عندما اضطروا إليها للرد على أهل البدع]
قال:[وعن ابن عباس قال: لا تجادلوا المكذبين بالقدر فيجري شركهم على ألسنتكم].
أي: من كثرة مجادلتهم ومناظرتهم ربما يجري على ألسنتكم بعض بدعهم، أو بعض كلامهم دون أن تشعروا بذلك.
وقد تجد في كتب السنة بعض الكلمات التي أمسك عنها السلف، ولم يتكلموا بها قط، واضطر أهل السنة اضطراراً إلى أن يقولوا بهذه الكلمات وهذه المصطلحات؛ للبيان.
وأضرب لذلك مثلاً: لما قالت المعتزلة: كلام الله مخلوق، فإن السلف ما قالوا: مخلوق ولا غير مخلوق، وإنما قالوا: القرآن كلام الله، ولكن اضطر أحمد بن حنبل رحمه الله وغيره من أهل العلم إلى أن يزيدوا في معتقدهم ما لم يأت عن السلف، فقالوا: القرآن كلام الله غير مخلوق، فلفظة:(القرآن كلام الله) هو كلام السلف الذي ورد إلى أهل القرن الثالث الهجري: قرن المعتزلة، وقرن أحمد بن حنبل وقرن الشافعي وغيرهم.
فقال الإمام أحمد وغيره: القرآن كلام الله غير مخلوق، فزادوا مصطلح (غير مخلوق)؛ للرد على من يقول بأنه مخلوق، وأما أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة والتابعين فلم يقولوا: إنه مخلوق أو غير مخلوق؛ وذلك لأن الأمر قد استقر عندهم: أن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته، فلابد أن تكون الصفات مخلوقة، ولذلك لم يكن بهم حاجة إلى أن يقولوا: مخلوق أو غير مخلوق، فلما دعت الحاجة في الرد على أهل الضلال والبدعة من المعتزلة وغيرهم لما قالوا: إنه كلام الله لكنه مخلوق؛ كان من الواجب على أهل السنة أن يقولوا: هو كلام الله غير مخلوق.