[باب بيان أن الله أرسل المرسلين لدعوة الناس لعبادته وحده]
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أما بعد: فلا يزال الكلام موصولاً عن القدر.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[الباب الثالث: ذكر ما أخبرنا الله تبارك وتعالى أنه أرسل المرسلين إلى الناس يدعونهم إلى عبادة رب العالمين، ثم أرسل الشياطين على الكافرين تحرضهم وتؤزهم على تكذيب المرسلين].
إذاً: فالأمر أن الله تعالى أرسل الأنبياء والمرسلين وأرسل الشياطين، أرسل الأنبياء والمرسلين إلى الناس كافة يدعونهم إلى عبادة الله، وأرسل الله تعالى الشياطين على الكافرين ليمنعوهم من الدخول في شريعة المرسلين، كما أن مهمة الشياطين أنهم يدعون الكافرين إلى تكذيب المرسلين، وكل ذلك يتم بقدر الله عز وجل ومشيئته، فمنه ما يتم بمشيئته الشرعية الدينية والكونية القدرية في آن واحد، ومنه ما يتم بمشيئته الكونية القدرية دون الشرعية، ومن أنكر ذلك فهو من الفرق الهالكة، أي: من أنكر أن الله تعالى خلق الخير والشر، وجعل لأهل الخير جنة عرضها السماوات والأرض، (وقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت)، وأن الله خلق النار وجعل لها قسماً ألقاهم فيها غير مبال بهم، وقال:(يا أهل النار خلود بلا موت)، من أنكر ذلك فهو من الفرق الهالكة، وأن كل ذلك إنما تم بعلم الله السابق الأزلي.