[الحكمة من خلق الله سبحانه للحيات والأفاعي والعقارب والهوام والسباع]
قال:[ومما لا ينبغي كذلك لأحد أن يتفكر فيه أنه لا ينبغي أن يضمر في نفسه فيقول: لم خلق الله الحيات والعقارب والهوام والسباع التي تضر بني آدم ولا تنفعهم وسلطها عليهم؟]، الحية أو الثعبان قد ملئت سماً، لكن الله خلقها، مع أن الله قبل أن يخلقها يعلم أن سمها يضر بني آدم، وأنها عدو من أعدائه، لكن العبد حين يذكر جهنم يقول: لو لم يكن في جهنم إلا الحيات والعقارب لكفى! ومعلوم أن نار الدنيا جزء من سبعين جزءاً من نار الآخرة، فلو لم يكن في النار إلا ثعبان واحد يدور على أهل النار لكفى، فيقول هذا السائل: لم خلق الله الحيات والعقارب والهوام والسباع التي تضر بني آدم ولا تنفعهم، وسلطها على بني آدم، ولو شاء ألا يخلقها ما خلقها؟ ولا يجوز أن يوجه هذا السؤال لله عز وجل.
قال: [ولو كان هذا من فعل ملوك العباد لقال أهل مملكته: هذا غش لنا ومضرة علينا بغير حق؛ حيث جعل معنا ما يضر بنا، ولا ننتفع نحن ولا هو به، فمن تفكر في نفسه فظن أن الله لم يعدل حيث خلق الحيات والعقارب والسباع، وكل ما يؤذي بني آدم ولا ينفعه؛ فقد كفر، ومن قال: إن لهذه الأشياء خالقاً غير الله فقد كفر.
وهذا قول الزنادقة والمجوس وطائفة من القدرية، فهذا مما يجب على المسلمين الإيمان به، وأن يعلم أن الله خلق هذه الأشياء كلها، وعلم أنها تضر بعباده وتؤذيهم هو عدل من فعله، وهو أعلم بما خلق:{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء:٢٣]].