أي: لا تقولوا: يا محمد يا محمد يا محمد، كما يقول بعضهم لصاحبه: يا محمد، يا إبراهيم، يا زيد، يا عمرو، ولكن ليكن دعاؤكم الرسول صلى الله عليه وسلم بما لقبه ونسبه إليه الله عز وجل:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ)، (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ)، قال:{لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}[النور:٦٣].
أذكر بهذه المناسبة وإن كان الأمر فيه جهالة، لكن هذا رجل لطيف جداً لا يقصد أي شيء من كلامه؛ لأنه أقل من أن يقصد أي شيء بكلامه، سمعته والله بأذني رأسي، وهو رجل بسيط يقول: اللهم صل على سيدنا محمد أفندي رسول الله، فقلت: من أين أتيت بأفندي؟ قال: نحن نقول عن السيد الفلاني: يا أفندي، والنبي عليه الصلاة والسلام أحسن من هؤلاء الناس كلهم، وأولى بهذه الألقاب وهذه المصطلحات! فالرجل لا يقصد شيئاً، لكنه في نفسه يعظم ويبجل ويوقر النبي صلى الله عليه وسلم فوق هذا الرجل.
لكن على أية حال دعنا نستفيد من هذا الرجل البسيط الذي رأى أن يعظم النبي صلى الله عليه وسلم بما يعظم به الناس، أيهما أحسن هذا الرجل أم الملاحدة أصحاب الشهادات وأصحاب حملة الدكتوراه، الذين يقولون على النبي صلى الله عليه وسلم، بل على دينه وقرآنه وشرعه قولاً شنيعاً، بل يسبون الذات الإلهية؟ هل الأحسن والأفضل هذا الذي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم باجتهاده بلفظ: أفندي وأستاذ وغير ذلك، أم هؤلاء المجرمون الملاحدة؟ هذا الرجل أفضل.
أتى شخص من أهل المدينة إلى الإمام مالك ليسأله قال له: أنا أريد أن أحرم بالعمرة أو الحج، فهل أحرم من ذي الحليفة أم من المسجد النبوي؟ قال: لا، ميقات أهل المدينة ذو الحليفة، اذهب إلى ذي الحليفة وأحرم من هناك، قال: يا إمام إنما هي خطوات، فهل أحرم من المسجد؟ فقال الإمام: إني أخشى عليك الفتنة، قال: أي فتنة في ذلك؟ قال: أما قرأت قول الله عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور:٦٣].
انظروا إلى فقه الإمام مالك كيف يرى الفتنة، ولذلك أنت حينما تذهب إلى المسجد النبوي ستجد آلاف الناس محرمة، وهذا خطأ، إنما الإحرام لأهل المدينة ومن مر بها من ذي الحليفة.