[ضرورة التأهل العلمي عند الدخول في المناظرات والجدال]
وهناك مدرس كبير جداً يسمونه: فيثاغورس؛ باعتبار أن عنده رياضة عقلية فذة، فيسمونه باسم عالم كبير من علماء الرياضة فيثاغورس، قابلني وقال: أنا متخصص في مقارنة الأديان منذ اثني عشر عاماً، قلت: هل درست الدين الإسلامي؟ قال: نعم، قلت: ثم اليهودية والنصرانية؟ قال: نعم، قلت: ربنا يفتح علينا وعليك بالخير.
فلقيني بالأمس فقال: الدكتور الفلاني يقول: إن الإمام البخاري صنف صحيحه من ست عشرة نسخة كنسخ التوراة والإنجيل، فكيف نرد عليه.
فقلت له: وهل عنده أسئلة أخرى؟ قال: نعم، السؤال الثاني: قال: إن حديث الذبابة الذي أخرجه البخاري يغلب على راويه النكارة، قلت: والثالث؟ حتى عد سبعة أسئلة.
منها: إنكار شفاعة إبراهيم عليه السلام بالذات، قلت لماذا إبراهيم عليه السلام؟ قال: لأن إبراهيم صرح بأنه كذب ثلاث كذبات، قلت: غيره من الأنبياء صرح بمثل هذا، فلم منعت إبراهيم من الشفاعة بالذات؟! قلت له: لقد أخبرتني آنفاً أنك عالم كبير في مقارنة الأديان، فكيف تخفى عليك مثل هذه المسائل؟ ولو أن قسيساً في الكنيسة تناظر معك وألقى عليك هذه الأسئلة فماذا ترد عليه؟ قال: أنا ما عندي خبر غير هذا، قلت: إذاً ستفتضح حجتك أمام العالم في المناظرة، فتكون بذلك قد أفسدت على نفسك، وأوقعت المسلمين في الفتنة والحرج بانتصار هذا القسيس عليك، أليس كذلك؟ فسكت.
فقلت له: إنما مثلك كمثل رجل دخل المسجد فحرص أن يصلي الظهر أربعاً، والعصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، والعشاء أربعاً، والصبح ثنتين، ولا علاقة لك في دين الله عز وجل فيما لا يعنيك، كما أنه يحرم عليك أن تنظر في كتب أهل الكتاب، فخاصمني وامتنع عن محادثتي إلى يومنا هذا، وأنا من الأمس إلى اليوم قد ألقيت عليه السلام ثلاث مرات في المسجد المجاور لبيتي فلم يرد علي السلام! فهل مثل هذا ينفع أن يفرض نفسه على الأمة أنه عالم كبير في مقارنة الأديان؟! مثل هؤلاء السفهاء الذين في الجامعات يسمونهم: دكاترة وفقهاء في الأديان، وعلم الفلسفة، والمنطق، فيقدمون دراسة هذه العلوم على دراسة كتاب الله عز وجل، ويزعمون أن دراسة هذه المواد إنما هي مفاتيح لكتاب الله عز وجل، وهؤلاء المفتونون المجرمون آل بهم الأمر إلى محاربة الله تعالى ورسوله جهاراً نهاراً.