قال:[وعن شعبة بن الحجاج أبي بسطام قال: كنت عند يونس بن عبيد فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله! تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد -وهو رأس الاعتزال- وقد دخل إليه ابنك؟ قال: ابني؟! قال: نعم.
فتغيظ يونس فلم أبرح حتى جاء ابنه، فقال: يا بني! قد عرفت رأي عمرو بن عبيد ثم تدخل إليه! فجعل الولد يعتذر، فقال: كان معي فلان -أي: من بين اعتذارات الولد أنه قال لأبيه: إن عمرو بن عبيد لم ينفرد به، وإنما كان معه فلان من الناس -فقال يونس: أنهى عن الزنا والسرقة وشرب الخمر، ولئن تلقى الله عز وجل بهذا أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو بن عبيد].
أي: أنا أنهاكم عن الزنا والسرقة وشرب الخمر، ومع هذا لو زنيت وسرقت وشربت الخمر أحب إلي من أن تلقى الله برأي عمرو بن عبيد، وأحب إلي من أن تلقاه تابعاً لمنهج الاعتزال ولهذه الفرقة الضالة، وليس في هذا تهوين من شأن المعاصي -السرقة، الزنا، شرب الخمر- وإنما هذا فيه بيان فظاعة البدع خاصة إذا كانت في أصل الدين.
[قال سعيد بن عامر: ما رأينا رجلاً قط كان أفضل من يونس.
وقال أيوب: ما عددت عمرو بن عبيد عاقلاً قط].
أي: ما ظننت في يوم أنه عاقل قط؛ لأنه كان يتكلم بكلام أهل القدر والاعتزال، وهو كلام لا يدل على سلامة العقل.