للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقوال علي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر في إثبات القدر]

قال: [وعن يعلى بن مرة قال: ائتمرنا -يعني: اتفقنا- أن نحرس علي بن أبي طالب كل ليلة عشرة، قال: فخرج فصلى كما كان يصلي، ثم أتانا فقال: ما شأن السلاح؟ -وساق حديثاً طويلاً- ثم قال: إنه لن يجد عبد أو يذوق حلاوة الإيمان حتى يستيقن يقيناً غير ظان -يعني: غير شاك].

وهذا شرط في إيماننا بالقدر، وكلنا يؤمن بالقدر، والقدر باختصار شديد: أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، يعني: أن ما قدره الله لك لا بد أن ينزل، وما صرفه الله عنك لا يمكن أن ينزل، فحينئذ إذا وقع بك البلاء فاعلم أنه من عند الله، وإذا صرف عنك الخير الذي تظن أنه خير فاعلم أن هذا الصرف من عند الله، فلماذا أنت غضبان؟! لو أن شخصاً يريد أن يتزوج امرأة جميلة وطيبة ومتدينة فإنه يستخير الله عز وجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن نستخير حتى في شراك نعلنا، فبعد أن يصلي هذا الشخص يقرأ هذا الذكر الذي علمنا النبي عليه الصلاة والسلام إياه: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم) إلى آخر الدعاء، والعجيب أن أحدنا يسمي هذه المرأة ويقول في النهاية: يا رب أنا أريدها، قدرها لي، أنا سأموت يا رب! إذا لم أتزوجها، وكذلك من النساء من تقول عن رجل من الناس هذا القول، لماذا كل ذلك؟! أنت كونك استخرت ربك فقد فوضته في أن يختار لك، فإذا قدر لك ألا تتزوج تسخط وتغضب على ربك؟! هذه قسمة ضيزى، وليس إيماناً يساوي فلساً في ميزان الإيمان بالله عز وجل، فالله سبحانه جعل لك الخير في غيرها، وكم مرة ظن الإنسان أن العمل القادم عليه خير فيصرفه الله، ثم يكتشف العبد أنه كان شراً، والعكس بالعكس، فما عليك يا أخي المؤمن إلا أن تعلن الإيمان بالله، وتعلن الإيمان بالقدر خيره وشره، وقل: الذي أتمناه هو الذي يقدره الله عز وجل، وما قدره الله لي ينبغي أن يكون أمنيتي فيه، إيجاباً أو سلباً.

قال: [إنه لن يجد عبد أو يذوق حلاوة الإيمان حتى يستيقن يقيناً غير شاك: أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن أحدكم لن يخلص الإيمان إلى قلبه حتى يستيقن يقيناً غير ظان: أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويؤمن بالقدر كله.

وقال أبو بكر الكلبي: رأيت شيخاً يزحف عند قصر أوس، فقال: سمعت أبا سعيد الخدري رحمه الله يقول: لو أن عبداً أقام الليل وصام النهار، ثم كذب بشيء من قدر الله عز وجل لأكبه الله في النار على رأسه، أسفله أعلاه، قال: قلت له: أنت سمعته من أبي سعيد؟ قال: أنا سمعته من أبي سعيد.

وعن عبد الله بن عمر: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن المرء حتى يؤمن بالقدر خيره وشر).

وعن ابن عباس: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال جبريل عليه السلام: قال الله عز وجل: من آمن بي ولم يؤمن بالقدر خيره وشره فليلتمس رباً غيري)، وهذا على سبيل التقريع والتهديد.