هل شهادة الإنسان وهو ذر هي التي أقامت الحجة عليه فحسب، أم ثم حجج أخرى؟
الجواب
هذا بيان وإخبار من الله عز وجل ومن النبي عليه الصلاة والسلام أن هذا الإقرار الأول هو أول الشهادات وأول الحجج والإقرارات من بني آدم على أنفسهم أن الله تعالى هو الذي خلقهم ورباهم ورزقهم وكتب آجالهم وأعمالهم ومصائبهم وما هم إليه صائرون إلى الجنة أو إلى النار.
ثم لا بد لبني آدم أن يتذكروا ذلك، خاصة بعد خروجهم من صلب آدم بعد ذلك للتكليف والعبادة وغير ذلك، ولذلك أقام الله تعالى عليهم الحجة مرة أخرى بالرسل والكتب، وهذه الشهادة الثانية هي محل التكليف، وهي التي بعد بعث الرسل وإنزال الكتب، بدليل قول الله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:١٥].
ومنذ حوالي خمس سنوات تقريباً اكتشفوا أن هناك جزيرة من الجزر في البحر لا يعلم أهلها شيئاً قط عن الأنبياء ولا المرسلين، ولم يسمعوا بهذا، وقد بقيت الدول على مدار السنوات الماضية تعتني عناية فائقة بمعرفة لغة هذه الجزيرة التي ظهرت في البحر -وقرأت هذا بعيني رأسي- حتى يفهموهم أن هناك أنبياء ورسلاً وكذا، واجتهد في ذلك بابا الفاتيكان، واجتهد في ذلك اليهود، وتأخر المسلمون عن الاجتهاد كعادتهم.
والله تعالى يقول:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:١٥].
فلا ينال الإنسان العذاب إلا إذا بلغته الرسالة، وقامت عليه الحجة الرسالية الإيمانية.
وقيمة الإقرار الأول أنه إقرار بالربوبية، وأن الله تعالى هو الذي خلق الخلق ورباهم ورزقهم وكتب آجالهم وأعمالهم وغير ذلك.
وأما الإقرار الثاني فلا يكون إلا بعد التكليف وإرسال الرسل، واليوم أصحاب جماعة التكفير يقولون: الولد الصغير مكلف، ولا بد أن يعمل الخير وينتهي عن الشر، ويأتون إلى الطفل الرضيع ويطالبونه بذلك، ويعتمدون في هذا على الميثاق الأول، ولم يعلموا أن الميثاق الأول إقرار بالربوبية، وقد قال تعالى:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف:١٧٢]، أي: أنا الذي خلقتكم؟ قالوا: بلى، فهذا إقرار بالربوبية، فقد عرفوا أن لهذا الكون رباً، ولكن التكليف الذي يئول بصاحبه إلى الجنة أو إلى النار لا يقوم إلا بالرسل والكتب.