للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التبني]

وهناك سؤال يطرح كثيراً، وربما لا يمر أسبوع أو أسبوعان إلا وهناك من يسأله، وهو أنه يقول: أنا لم أرزق بأولاد، فذهبت امرأتي إلى الملجأ الفلاني وأتت بولد، أو ذهبت إلى الملجأ فوجدت ولداً على باب الملجأ في خرقته، وكان جميلاً، فعز عليها أن تتركه فأتت به، وأنا قد سميته باسمه ونسبته لنفسي، فهل هذا العمل حلال؟

و

الجواب

هذا العمل حرام، وفيه من المحاذير الشيء الكثير، المحذور الأول: أنه نسبة إلى غير الأب الشرعي، وهذا باطل، فقد أبطل الإسلام التبني، وقد كان زيد يدعى زيد بن محمد ثم صار يدعى زيد بن حارثة، قال الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب:٥]، يعني: انسبوهم لآبائهم؛ لأن هذا هو العدل الذي فرضه الله عز وجل.

المحذور الثاني: أن هذا الولد سيتعامل مع هذا الرجل على اعتبار أنه أبوه باستمرار، وبالتالي ستكون امرأة هذا الرجل هي أمه باستمرار، فيتعامل معها ويدخل عليها بعد أن يبلغ السن التي يكلف فيها بغض النظر إلى النساء، وهو سيتعامل مع هذه المرأة الأجنبية عنه باعتبار أنها أمه، وربما قبلها أو حضنها أو نام بجوارها أو سافر معها أو غير ذلك.

المحذور الثالث: ربما يرزق الأب بأولاد آخرين، فيدعون أخوة أو أخوات لهذا الأجنبي، وليس الأمر كذلك، وإنما هذا الولد حلال له أن يتزوج بهذه البنت التي رزق بها هذا الأب الدعي، ولكن الوضع القائم يحرم عليه أن يتزوج منها؛ لأنها أخته في الأوراق الرسمية وغير ذلك.

المحذور الرابع: إذا مات الأب الدعي النسيب أو ماتت الأم فإن هذا الولد المتبنى هو الذي يرثهما، وحينئذ يأخذ هذا الولد مالاً ليس له، ويأخذه بغير حق، وكذلك إذا مات هذا الولد وكان له مال ورثه أمه وأبوه المزعومان، فيأخذان مالاً ليس لهما.

وهذه كلها مخالفات وظلمات بعضها فوق بعض، وهذه المخالفات هي الإعراض عن شرع الله عز وجل أو الوقوع فيما نهى الله عز وجل عنه، وهذا من الكفر العملي الذي لا يخرج من الملة، ولكنه كبيرة من الكبائر.

قال: (وكفر بالله تعالى تبرؤ من نسب وإن دق)، أي: وإن كان صغيراً أو حقيراً يراه الإنسان.

وإذا قال الأب لابنه: أنت لست ابني وأنا لا أعرفك، وقال هذا الكلام زجراً للولد أو تهديداً له، أو طرده من البيت أو غير ذلك فلا بأس به، ولا يترتب عليه أحكام، وأما لو أنكر في مجلس القضاء أنه ولده أو نفاه عن نفسه تماماً؛ فلا شك أن هذا نفي لنسب صحيح، فلا يحل له أن ينفيه عن نفسه، كما أنه قذف لأم الولد.

وهذه المسألة خطيرة جداً.