وقال برهان الدين محمد بن أحمد الحنفي في كتابه المحيط: من أتى بلفظة الكفر مع علمه بأنها لفظة كفر -انظر الكلام الجميل- عن اعتقاده فقد كفر ولو لم يعتقد.
أي: لو أن رجلاً قال: أنا كافر، وهو يعتقد أن من قال هذه الكلمة كفر بها وإن لم يعتقد هو، إذاً كيف تجري الأحكام في الدنيا على الظاهر؟! الرجل هذا يعلم أن من نطق بكلمة الكفر كفر بها، وهو قد نطق بها وإن لم يعتقدها فهو مع ذلك كافر؛ لأن الأصل الظاهر.
قوله: ولو لم يعتقد، أي: لم يعلم أنها لفظة الكفر، لكن أتى بها عن اختيار، فقد كفر عند عامة العلماء، وهذه المسألة التي سألني عنها الأخ في الدرس الماضي: لو أن واحداً سب الله تعالى وهو لا يعلم أن سب الله كفر، فهل يكفر بذلك؟ قلنا: نعم يكفر بذلك، قال: يا شيخ! أنت قلت: من موانع التكفير: الجهل فكيف ذلك؟
الجواب
أن سب الله ليس من المسائل الخاضعة للعذر بالجهل، وإنما يكفي أن يعلم أن هذا اللفظ وهذا السب حرام، وهذا عند عامة العلماء، وبعضهم قال: لا يكفر إلا إذا علم أن هذا كفر.
قال: أو لم يعلم أنها لفظة الكفر، ولكن أتى بها عن اختيار فقد كفر عند عامة العلماء، ولا يعذر بالجهل، ومن كفر بلسانه طائعاً، أي: غير مكره، وقلبه مطمئن بالإيمان فهو كافر، ولا ينفعه ما في قلبه، يعني: لو كفر بالقول وهو معتقد بالإيمان لا ينفعه ما كان في اعتقاده، وإنما يكفر بالقول الصريح.