للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طلب العلم والزواج، وأهمية التربية]

السؤال

أنا رجل خاطب وأريد أن أرحل لطلب العلم ولا أستطيع أن أطلبه الآن؛ لأن عملي يتعارض مع طلب العلم، فهل أترك خطيبتي وعملي وأرحل، أم أنتظر حتى أتزوج، أم بماذا تنصحني؟ علماً بأن أهلي يرفضون ذلك، وجزاكم الله خيراًًَ.

الجواب

أنت عملت مثل الذي يقول لامرأته: أنت طالق على مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل حتى على مذهب جمال عبد الناصر، فإذا حللها أحد حرمها الآخر، فأنت قد أغلقت المسألة من كل ناحية، وتريدني أن أحلها لك، وأنا أنصحك أن تعيش حياتك بالطريقة التي تحلو لك، وأن تحافظ على دينك حتى وإن لم تطلب العلم، وهؤلاء الإخوة -ما شاء الله- متزوجون، ولهم آباء وأجداد، ولا يعطلهم ذلك عن طلب العلم.

وقد ثبت عن سفيان الثوري أنه قال: إذا تزوج الرجل فقد ركب البحر، فإذا ولد له فقد غرق، وهذه حقيقة فعلاً، وإبراهيم النخعي لم يتزوج ولم يكن له ولد، فقيل له: إنك تقوم الليل وتقرأ القرآن، فقال: والله إن بعض الهم الذي يقع بأحدكم على ولده لهو أحب إلى الله تعالى من عبادة مائة عام، يعني: أن تربية الأولاد رسالة عظيمة جداً.

ونحن عندما نتكلم عن عظيم من عظماء التاريخ الإسلامي سنجد أن أول من رباه أمه وأباه، فالذي يبدأ التربية هما الأب والأم، ولا شك أنهما لو ربيا ولدهما على غرس الفضائل وترك الرذائل فتربى ونشأ وترعرع في هذا الجو الطيب مع طلب العلم وحفظ المتون وغير ذلك، وجمع إلى أصالة المنبت العلم الشرعي رجي خيره للأمة كلها بعد ذلك.

والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (الولد مبخلة مجبنة مجهلة).

فالولد مبخلة يعني: إذا أراد أن يتصدق قال: لا أولادي أولى، وهم مجبنة، فإذا أراد أن يتكلم كلمة الحق يقول: أخاف أن أذهب إلى السجن وأترك أولادي، فيجبن عن قولها، وهم مجهلة؛ لأنهم يصرفونه عن طلب العلم.

ولما ولد ولدي الأول أحسست بأن حياتي كلها ضاعت، وما فرحت به كما يفرح الأب بأبنائه؛ لأني شعرت أن هذا الولد فتنني وصرفني تماماً عن كتبي ومكتبتي، ولما جاء الثاني والثالث والرابع تعودت على هذا.