[عدم التساوي بين مجالسة أهل الباطل وبين مجالسة أهل الحق]
قال: [وقيل للأوزاعي: إن رجلاً يقول: أنا أجالس أهل السنة وأجالس أهل البدع، فقال الأوزاعي: هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل.
أقول: صدق الأوزاعي إن هذا رجل لا يعرف الحق من الباطل، ولا الكفر من الإيمان، وفي مثل هذا نزل القرآن، وورد في السنة عن المصطفى عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}[البقرة:١٤] أي: نحن معكم، {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}[البقرة:١٤]، فهم مع هؤلاء ومع هؤلاء، لكنهم في حقيقة الأمر كما وصفهم الله:{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ}[النساء:١٤٣].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المنافق في أمتي كمثل الشاة العايرة)].
والعايرة: هي الساقطة بين الغنمين تصير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة، لا تدري أيهما تتبع، فهذه غنمة شردت وضلت من صاحبها، فصارت بين غنمين، هذه غنم لشخص وهذه غنم لشخص آخر، فهي تسير بينهما، فمرة تمشي مع هذه، ومرة مع تلك، لكنها متحيرة لا تدري أين يستقر بها المطاف.
قال:[كثر هذا الضرب من الناس في زماننا هذا لا كثرهم الله، وسلمنا وإياكم من شر المنافقين، وكيد الباغين، ولا جعلنا وإياكم من اللاعبين بالدين، ولا من الذين استهوتهم الشياطين، فارتدوا ماكثين، وصاروا حائرين].