قال: [وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فلما انتهينا إلى بقيع الغرقد -وهو مكان المقابر بجوار المسجد النبوي- قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدنا حوله فأخذ عوداً فنكت به في الأرض -أي: ضرب به في الأرض- ثم رفع رأسه فقال: ما منكم من نفس منفوسة أي: مولودة- إلا قد علم مكانها من الجنة والنار، وشقية أو سعيدة، فقال رجل من القوم: يا رسول الله! ألا ندع العمل ونعمل على كتاب ربنا)؟ أي: نعمل بمقتضى الكتاب الذي كتب تحت العرش في اللوح المحفوظ؟ وليس هناك من يعلم إذا كان مكتوباً شقياً أو سعيداً؟ وهل هو من أهل الجنة أو من أهل النار؟ فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن من كان من أهل الجنة عمل بعمل أهل الجنة وصار إلى السعادة، ومن كان من أهل الشقوة عمل بعمل أهل الشقوة وصار إلى الشقوة.
قال: [(قال النبي عليه الصلاة والسلام: بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له)]، أي: على كل واحد منا أن يعمل، فإنه إذا خلق للجنة فإنه ييسر لعمل أهل الجنة، وإذا خلق للنار في علم الله السابق فإنه ييسر لعمل أهل النار ويعمل به حتى يدخل النار، فمن كان من أهل الشقوة يسر لعملها، ومن كان من أهل السعادة يسر لعملها.
قال: [(ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل:٥ - ١٠]).
وفي رواية: قال: (ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة، قالوا: يا رسول الله! ألا نتكل؟ -يعني: ألا تأذن لنا أن نتكل على هذا الكتاب المكتوب؟ - قال: لا، بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له)] وهذا النص عن علي بن أبي طالب في الصحيحين.
وأما نص عمر السابق فتشهد له بقية الروايات وإن كان في الإسناد إليه انقطاع.
قال: [وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: (أخذ بيدي علي رضي الله عنه فانطلقنا نمشي حتى جلسنا على شاطئ الفرات، فقال علي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نفس منفوسة إلا قد سبق لها من الله عز وجل شقاءٌ أو سعادة، فقام رجل فقال: يا رسول الله! ففيم إذاً نعمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، ثم قرأ هذه الآيات:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}[الليل:٥])].