[تنبيه ابن القيم وغيره من أهل العلم على عدم إجراء أحكام الإسلام في الدنيا على ذراري المشركين]
كما نبه ابن القيم وغيره من أهل العلم كـ البيهقي في كتاب الاعتقاد على عدم إجراء أحكام الإسلام في الدنيا على ذراري المشركين -وقد ذكرت لك الفرق بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة- وإنما يعاملون معاملة الكفار في الدنيا تبعاً لآبائهم حسب الظاهر؛ إذ كان هذا موضع اتفاق بين علماء الأمة، حيث ثبت ذلك في عهده، وتواتر من فعله عليه الصلاة والسلام.
أي: لم نسمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول في مرة من المرات: ائتوني بابن المشرك الذي لم يبلغ بعد حتى أصلي عليه، وأدفنه في مقابر المسلمين.
فكان هذا هو حكم أطفال المشركين في الدنيا، وبيان معنى كلمة الفطرة في الحديث، وأما حكمهم في الآخرة فإن العلماء قد اختلفوا في ذلك أيضاً على عدة مذاهب حسب اختلاف الأدلة في المسألة، وأقوى المذاهب دليلاً مذهبان: الأول: أنهم من أهل الجنة، والمذهب الثاني: مذهب الاختبار، وأما مذهب من يقول: إنهم في النار؛ فهذا كاد أن يكون مذهباً باطلاً، ومذهب التوقف مذهب ضعيف.
إذاً: أقوى المذهبين في المسألة: أنهم في الجنة، والمذهب الثاني: مذهب جماهير علماء السلف، وهو مذهب الابتلاء أو الاختبار، فيؤتى به يوم القيامة فيختبر.
وقد أوردوا نصاً فيه: أن الاختبار عبارة عن قول الله تعالى له: ادخل النار، فإن دخل كانت برداً وسلاماً عليه، وكانت إشارة وعلامة على أنه كان من الطائعين لو أنه عاش، ولو أنه عصى لكان من العصاة لو أنه عاش.
والكلام في هذه المسألة طويل جداً، وبإمكانك أن تراجع في ذلك كتب التفاسير، وكتاب التهذيب لـ ابن القيم الجوزية، وكذلك كتاب شفاء العليل، ورسالة الفطرة لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهي رسالة جامعة احتوت على كلام سهل ميسور بعيد عن التعقيد، وكذلك فتح الباري، ومجموعة الرسائل الكبرى لـ ابن تيمية، وأضواء البيان للشيخ الشنقيطي، وغير ذلك من كتب أهل العلم.