جاء في رواية [ابن عباس قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من عمل لله في جماعة فأصاب تقبل الله منه)]، أي: من عمل لله وهو في داخل الجماعة تقبل الله منه، [(وإن أخطأ غفر الله له)] وبهذا تعلم بركة العمل في الجماعة.
فلو أوكل إلى شخص معين أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة العمل، فعمل هذا مجلة، وهذا انشغل بالخطابة، وهذا بكذا، فهؤلاء انشغلوا في المصلحة العامة للمسلمين، وهذا العمل صورته صورة عمل جماعي، فالعمل الجماعي على هذا النحو مشروع بلا خلاف بين أهل العلم، بل حتى الحيوانات والحشرات والدواب تعمل عملاً جماعياً، حتى النمل والنحل تعمل عملاً جماعياً، ولا يلزم أن يكون لها أمير معين من قبل الخليفة.
فالعمل الجماعي الذي يكون لله عز وجل لا يشترط له إمارة ولا بيعة ولا سمع ولا طاعة، فحينما يقوم واحد بأمر الدعوة مثلاً، ويتعاون مع غيره من الدعاة أو الشيوخ، فهذا عمل جماعي.
وهذا لا يستلزم بالضرورة أنني أسمع وأطيع له، ولو أنه أميري لما كان يوجد شيء اسمه حر في هذه الحالة.
ولو أن قاضياً تعين للقضاء فكان يذهب إلى المحكمة ويضع رجلاً على رجل ويقول: أنا لست قاضياً، ولن أحكم بين الناس، ولن أفصل في المنازعات؛ لم يصح هذا، بل يأثم عليه؛ لأن الذي عينه على القضاء هو الخليفة أو الأمير.
ولو أنه حكم نفسه بين الناس ولم يتعين عليه التحكيم، بل الناس اضطروا إليه؛ فهذا التحكيم ليس ملزماً له، بخلاف القضاء، فالقضاء ملزم، وله سلطة تنفيذية، وأما هذا فبإمكانه أن يمتنع عن التحكيم من غير أن يأثم.
فالعمل الجماعي إذا كان بصورة اتفاقية بين الناس لإتمام عمل مشروع كالدعوة إلى الله عز وجل، فلا بأس بذلك ولا حرج، وهذا العمل لا يستلزم أمر الإمام.