[قال أبو هريرة: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان فكان كالظلة، فإذا انقطع -أي: عن ذنبه- رجع إليه الإيمان)].
قال ابن بطة:[فهذه الأخبار وما يضاهيها]، يعني: الأخبار التي في نفس هذه المعاني، [وما قد تركت ذكره]؛ لأن الأخبار طويلة جداً، سواء في كتاب الله أو في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، [مما هو في معانيها؛ لئلا يطول الكتاب بها؛ كلها تدل على نقص الإيمان]، وإذا كان الإيمان يقبل النقصان فلا بد أنه يقبل الزيادة؛ لأن كل شيء يقبل الزيادة يقبل النقصان، والعكس بالعكس، فهذه الأدلة كلها تدل على نقص الإيمان، [وعلى خروج المرء منه عند مواقعة الذنوب والخطايا التي جاءت بذكرها السنة، وكل ذلك مخالف لمذاهب المرجئة التي قالت بعدم زيادة الإيمان، وقالت: إن أعظم الناس جرماً وأكثرهم ظلماً وإثماً إذا قال لا إله إلا الله فهو وجبريل وميكائيل وإسرافيل في الإيمان سواء]؛ لأنهم لا يقولون بأن الأعمال من الإيمان، فالمرجئة يصرحون ويتبجحون بأن الأعمال لا علاقة لها بالإيمان، [تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً].
يقول: وليس معنى مفارقة الإيمان لمرتكب هذه الذنوب هو الانتقال إلى الكفر، فنفي الإيمان عن مرتكب هذه الذنوب لا تعني الانتقال إلى الكفر؛ ولهذا استنكر الزهري سؤال الأوزاعي: إذا لم يكن المذنب مؤمناً فما يكون؟ فكأنه حكم عليه بالكفر، فاستنكر ذلك منه، وهذا أيضاً ما صرح به ابن الحنفية عندما ذهب إلى أن المذنب يخرج حال اقترافه للذنب من دائرة الإيمان الخاص إلى دائرة الإسلام، أي: أنه لا يكون كافراً.