قال:[ولا تدخلن على أمير ولو أن تعظه] أي: ولا تدخلن على أمير ولو زعمت أنك داخل عليه لتغير ما هو عليه من منكر، أو أن تعظه في مسألة أو غير ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن اقترب من السلطان افتتن).
ولذلك دخل رجل من أهل العلم في حلقة شيخ وكان السلطان قد أرسل صرة بها مال مع عامل له؛ فتلقاها الشيخ صاحب الحلقة وأنفقها في الطلاب ولم يأخذ منها شيئاً، فلما دخل عليهم ذلك الزاهد قال: يا فلان أقبلت هدية السلطان؟ قال: ألم تر كيف وزعتها؟ قال: أسألك بالله أقلبك عليه الآن كقلبك عليه قبل أن تأخذ الصرة؟ فقال الشيخ: لا والله، وهذه الشهادة مع أنه كان في غنى عنها، لكنه مع ذلك شهد على نفسه بأن قلبه قد تغير، فالاقتراب من السلطان فتنة عظيمة جداً.
ونحن نعلم أن بعض الشيوخ كان من أشد الناس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل كان زعيماً لجماعة أسماها: جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأذكر أنه قال على المنبر في عام (١٩٨١م): إن لمصر إلهين: إله في السماء، وإله في الأرض، فإله الأرض هو مجلس الشعب والحكومة، ويرأسهم رئيس البلد ثم ما لبث أن تحول ١٨٠درجة، وصار يتمثل ويتصنع للرئيس ويقول: أنتم لا تعلمون علاقتي بالرئيس؛ إنها علاقة قوية جداً، وقد عرفته عن قرب، حتى طرد فخسر أمواله، وخسر دعوته، وخسر كل شيء.
وهذه سنة الله عز وجل فيمن طلب العلم لغير الله، وفيمن عمل لغير الله، فلابد أن يبتلى، وأعظم البلاء أن ينزل بدينه، فلو نزل بدنياه: بولده، ببدنه، بماله، بأهله فالأمر في كل هذا هين، وأما أن نزل البلاء بدينه، ولو أدنى شعيرة في دينه؛ فهذا الذي كان يستعيذ منه النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال:(اللهم لا تجعل فتنتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا) إلى آخر الدعاء الذي كان يدعو به النبي عليه الصلاة والسلام.