[الجدال والمخاصمة سبب لقلة المروءة، وذهاب الكرامة]
قال:[وقال الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول: من لاحى الرجال وماراهم قلت مروءته] مع العلم أن هذا أعرابي بدوي، لكنه رجل، يقول: من لاحى -يعني: من ناظر وجادل وخاصم- الرجال قلت مروءته [وهانت كرامته، ومن أكثر من شيء عرف به].
وأذكر بهذه المناسبة أن سفيان الثوري كان يجلس إلى رابعة العدوية، ورابعة العدوية شخصية حقيقية ترجم لها الذهبي في سير أعلام النبلاء، وهو من أهل العلم النقاد، فكان سفيان الثوري يكثر أن يذهب إليها، وإذا ذهب إليها ذم الدنيا وأهلها بين يدي رابعة، فقالت: يا سفيان! من أكثر من ذكر شيء أحبه.
فـ رابعة هذه معروفة بالزهد، وعندما يجلس معها سفيان يظل يذم الدنيا وأهلها، فقالت له: من أحب شيئاً أكثر من ذكره، فأنت كلما تأتي تتكلم عن الدنيا وأهلها فقط، وهذا دليل على أنك تحب الدنيا، فمن أكثر من ذكر شيء فهو أحب الأشياء إليه.