في جامعة الأزهر هناك بعض الشباب يسمون بجند النصر المنشود، يشددون على قضية فلسطين عند دعوة بعض الشباب الذين يدعونهم، وأكثرهم لا يصلون، فهل طريقتهم في الدعوة صحيحة؟
الجواب
جيل النصر المنشود في جامعة الأزهر أو في غير جامعة الأزهر هم جيل المظاهرات، ونحن نعتقد اعتقاداً جازماً أن المظاهرات عمل غير مشروع، ولا مستند لها في الشرع لا من كتاب ولا من سنة، ولا حتى في فعل السلف، فليس عليها أي دليل، هذا من جهة الشرع.
ومن جهة الواقع وقياس المصلحة والمفسدة؛ هذه المظاهرات ليس من ورائها أي مصلحة، فلم تحقق شيئاً، فالأمة لها الآن فوق الخمسين سنة تتظاهر، فماذا أثمرت من مصالح عامة أو خاصة هذه المظاهرات؟ ليس هناك أي مصلحة.
وأما المفسدة فهناك مفاسد كثيرة جداً، وآخرها موت اثنين من المتظاهرين في الإسكندرية، فلحساب من ولمصلحة من؟ هذا أمر ينبغي الوقوف عنده، وهذا مخالف لقاعدة:(درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة)، فما بالك وليس هناك مصلحة! ثم الأصل الثالث وهو: من المتظاهر؟ شاب ماجن فاسق مطارد للبنات تارك للصلاة والصيام محاد لله ورسوله، وكذلك الفتاة، حتى في المظاهرات نفسها تجد الولد يأخذ البنت فوق كتفه وهو يظاهر! فماذا نصنع بهؤلاء؟! أنا أريد أن أعرف ماذا تريدون؟ هو حماس وعاطفة فقط، والله تعالى يقول:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}[الحج:٤١]، فالجهاد ليس مطلوباً لذاته، وإنما هو مطلوب لأجل أن نحقق العبودية الكاملة لله عز وجل، فلماذا تظاهر وأنت تارك للصلاة والصيام، وأنت إنسان فاجر في أقواله وأفعاله، ولو رأيته في الأيام العادية لوجدته قاعداً في أحضان ثلاث أو أربع من البنات، وفي المظاهرات نفسها ترتكب أشياء كثيرة من ذلك، فماذا تريد من المظاهرة يا بني؟ هذا تشويش.
ولذلك قلَّ أن نجد واحداً منكم في مظاهرة؛ لأنها لو كانت طاعة لكنا نحن أولى الناس بهذه الطاعة، ومهما ترتب عليها من نتائج فهي طاعة ويكفي، فمجيئنا نصلي في المسجد مغامرة، وكذلك قعودنا في هذه الدروس مغامرة أيضاً، فلو كانت هذه المظاهرات مشروعة لغامرنا فيها وليحصل ما يحصل، لكن لما كان اعتقادنا أنها غير مشروعة فلا مشاركة لنا فيها، ولا موافقة لنا عليها، فهذا عمل غير مشروع.
والجهاد لا يراد لذاته، وإنما يراد للتمكين في الأرض الذي يؤدي إلى عبودية الله تبارك وتعالى العبودية الحقة، وهؤلاء لا لهم علاقة بالعبودية، ولا بالصلاة والصيام، وهم شباب تافه جداً، لكن كوننا ننكر على هؤلاء الشباب أفعالهم غير المنضبطة على أصول الشرع؛ كذلك ننكر الطريقة الهمجية جداً التي تقابل بها تلك المظاهرات، فننكر على الطرفين، ولا بد من فتح مائدة المفاوضات، ولماذا مائدة المفاوضات ليست فاضية ودائماً مشغولة، ويقابل هؤلاء بالقنابل المسيلة للدموع، وأحياناً بضرب النار؟! مع أن القانون يقول: إن ضرب النار في المظاهرات لازم يكون تحت الرجلين، فما الأمر الذي جعل ضرب النار يكون في الصدر وما قابله؟! وهل يأمن الذين تصدوا لهذه المظاهرات أن يقابلوا من هؤلاء الشباب بمثل أعمالهم فتكون هناك مجزرة دموية؟ ومن المستفيد منها في النهاية؟ فهذا أمر لا نوافق عليه ألبتة لا من هنا ولا من هناك.
وأريد أن أقول لك: لا تفترض فرضاً نظرياً، فأنت تقول: ربما يكون فيها تأثير؟ فأقول: هل هذا التأثير وليد اليوم، أم أنه نتج من تتبع العادات؟ فالأمة لها خمسون سنة تتظاهر فماذا عملت؟ ومن الذي استجاب لها؟ فلم تثمر إلا الحنظل، وبعد كل مظاهرة نجد الثمرة مرَّة، فلماذا لا نتعلم؟ إن الحكومات الإسلامية لا تحترم شعوبها، ولا تحترم شعور الشعوب، ولا أعراف الشعوب، ولا أخلاق الشعوب أبداً، هؤلاء في واد والحكومات في واد آخر، ولا يوجد أي ثمرة حصلت نهائياً على مدار الخمسين سنة إلا ثمار الحنظل المر، فعلى الأقل نستفيد من التجارب السابقة.