[حديث ابن مسعود في لعن الواشمات بآية من كتاب الله]
قال: [وعن علقمة بن قيس قال عبد الله: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله].
واللعن هو الطرد من رحمة الله عز وجل، فهو على هلكة؛ ولعن الفعل يدل على أنه كبيرة؛ ولذلك من علامات الكبيرة أن يأتي لعن أو وعيد شديد أو إقامة حد في الدنيا، فكل هذه من علامات الكبيرة.
والواشمة: هي التي تصنع الوشم، وذلك كالعلامات الخضراء التي تكون في البدن من كحل أو غيره، فتجد الواحد يرسم على ذراعه أو على صدره قلب حبيبته مثلاً، ويكتب اسمها، ثم بعد هذا يطلقها، فيريد التخلص من هذا الوشم؟ فيحرق نفسه من أجل أن يذهب هذا الوشم، وقد حدث هذا الأمر، ولما قابلته قلت له: ألا تعلم أن هذا حرام؟ قال: لم أكن أعلم أنه حرام، فقلت له: بل هو حرام، فقال: سبحان الله، ما أحلى هذه السنة! قلت له: كيف؟ قال: هذه البنت أنا أسرت بحبها سبع سنين، وفي الأخير تزوجتها بشق الأنفس، وبعد أن تزوجتها بثلاثة شهور طلقتها، ولو دفعوا لي مال قارون لا يمكن أرجعها، وأنا أريد أن أتخلص من هذا الوشم نهائياً، لكن كيف؟ قلت له: اذهب للذي صنع لك هذا الوشم فهو الذي يزيله، قال لي: أنا لا أريد أي شيء يذكرني بها، قلت له: وأنا ماذا أعمل لك؟ ليس عندي أكثر من هذا، فاذهب لتميط هذا الأذى عنك، وتستغفر ربك؛ فعلمت بعد عدة أشهر من لقائي به أنه قد انتحر بالنار حرقاً، وترك رسالة يحث فيها الشباب على أن هؤلاء البنات نصابات، وأن الواحدة ليس لها وفاء وعهد، لذا يمكن أن تحب عدة أشخاص في وقت واحد، فهو ينصح شلته وأصحابه من الانجرار خلف البنات.
فالوشم هو: التأثير في البدن بتغيير بعض المواضع، بل بعضهم يكتب عنوانه على بدنه: فلان بن فلان الفلاني! وهذا من أكبر ما يرضي الشيطان، ولذلك عباد الشيطان الذين ظهروا -أبناء علية القوم- أبدانهم كلها من فوق إلى تحت مرسوم فيها رسومات وكاريكاتير أشبه بالشياطين، وعناوين وكلمات مقطعة وحروف ملخبطة، وحالتهم كلها لخبطة في لخبطة؛ لأن هذا كله من وحي الشيطان.
فـ عبد الله بن مسعود قال: (لعن الله الواشمة والمستوشمة)، والواشمة هي الفاعلة لذلك، والمستوشمة هي التي طلبت أن يفعل بها ذلك.
قال: (والمتنمصات)، والنمص هو ترقيق الحواجب، وللأسف الشديد أنه لا يزال إلى الآن، بل قد تجد المنقبات اللاتي يجلسن معنا الآن في المسجد يفعلن ذلك، فهذه نصيحة لهن ولغيرهن بأن هذا الفعل حرام، فلا تستحي المرأة أن تظهر بحاجب عريض، ولا ترققه بالحلاوة أو بالفتلة أو بغير ذلك، وكل هذا إنما هو مجلبة للعن ومطردة للرحمة، والمرأة الفاعلة لذلك إذا كانت عالمة فهي مستحقة للعن، وإذا كانت جاهلة وعلمت فيلزمها أن تتوب إلى الله عز وجل.
قوله: (والمتفلجات) له حكاية أخرى.
لذا فإن المرأة قد تكون لها أسنان كبيرة، وبالذات القواطع التي في بداية الفم، وهذا شيء يضايقها، فتزيد أن تظهر بأحسن مظهر وأجمل مظهر، كـ عمر الشريف، فتقوم بالتفريق بين السنتين، وهذا فن قائم بذاته في أمريكا وأوروبا، ففي أمريكا تجد محلات لو ترجمت ما هو مكتوب عليها وجدته: محلات التفلج، يعني: هم يعلمون أن هذا تفلج.
فتظهر المرأة وما بين السنين مقطوع ومجوف، وأول ما تفتح فمها تضحك لك بضحكة عريضة تشلك وتشل قلبك؛ لأنه فعلاً هو هذا الذي في الحديث: (والمتفلجات للحسن)، يعني: أنها لا تفعل هذا إلا لأجل أن تظهر بمظهر حسن، وأنت ستبقى تنظر إليها إلى أن تختفي عن الأنظار، والعملية كلها ما هي إلا دقائق أو أقل من دقيقة، يعني: عندما تظهر واحدة جميلة في الشارع، فإن هذه الواحدة الجميلة هي امرأتك، ومع امرأتك ما معها؛ ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا نظر أحدكم إلى امرأة فأعجبته فليأت أهله؛ فإن معها مثل الذي معها)، أليس هذا حديث النبي عليه الصلاة والسلام؟ فالرجل هو الرجل، وإن تعددت الأشكال والألوان، والمرأة هي المرأة وإن تعددت الأشكال والألوان، فلا فرق بين رجل وآخر، ولا بين امرأة وأخرى إلا بتقوى الله عز وجل.
فأنت حينما تنظر إلى امرأة على هذا النحو من الحسن والجمال، جاهد نفسك لحظة، وصوب نظرك إلى الأرض، امتثالاً لأمر الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠]، و (يَغُضُّوا) فعل مضارع على اعتبار استمرار الغض، فالآن الشياطين تملأ الشوارع، يميناً وشمالاً وفوق وتحت، فماذا تعمل؟ تستمر في غض بصرك، وما هي إلا ثوان وهي خلف ظهرك.
فيأتي شخص ويقول: أنا متعلق بها جداً، فهي حتى بعدما تمر ينظر إليها، فأنت قد أصابتك مصيبة، وتحتاج إلى أن تعالج قلبك بالدعاء وقيام الليل والتقرب إلى مولاك سبحانه وتعالى، فأنت لا يمكن أبداً أن تتقرب إلى الله عز وجل ويضيعك، بل الله عز وجل أشد تقرباً لعباده من تقرب العباد إليه.
ولذلك قال في الحديث القدسي: (إذا تقرب إلي عبدي شبراً تقربت منه ذراعاً، وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه با