[بيان معنى الفرقة ومدى إطلاقها على كل جماعة في الساحة]
السؤال
ما معنى الفرقة؟ وهل يطلق على كل جماعة على الساحة اسم الفرقة، وما هي ضوابط ذلك؟
الجواب
هذه الجماعات التي على الساحة ليست بفرق، وإنما هي تكتلات وجماعات وطوائف لا علاقة لها بهذه الفرق التي توعدها النبي عليه الصلاة والسلام بالنار، وإنما تختلف عنها اختلافاً كلياً وجزئياً؛ لأن كل فرقة من الفرق التي بين النبي عليه الصلاة والسلام أنها في النار لها قواعد وأصول تخالف قواعد وأصول أهل السنة والجماعة، بل تضادها.
فليست هذه الجماعات الدعوية التي على الساحة الآن من الفرق، إلا بالنظر إلى كل شخص على حدة في داخل هذه الجماعات.
إن هذه الجماعات ما هي إلا جماعات دعوية، وليست فرقاً لها معتقدات وأصول، وهذه الجماعات لم تكن موجودة إلا بسبب الظروف السياسية التي تمر بها بلدان الإسلام شرقاً وغرباً، فتقوم في كل بلد جماعة تنظر من منظور معين فترى أن الإصلاح لابد أن يكون من القمة.
إذاً: فهي نظرة إصلاحية لا نظرة اعتقادية، ومنها من ترى إصلاح القاعدة وبإصلاحها تنطلق الهمم، ومنهم من يرى أخذ الظالم أخذاً شديداً وكف الظالم عن ظلمه، ومنهم من يرى أن سبيل النجاة هو بطلب العلم، وهذا أرجح المناهج، بل أصح المناهج اتباعاً لأهل السنة، إذا لم يكن في مقدورنا في وقت من الأوقات تغيير المنكر باليد فلا بد من تغييره بالعلم والدعوة إلى الله عز وجل، وأنتم تعلمون مكانة العلم ومنزلة العلم، وأن أمة بغير علماء، ودعوة بغير علماء، ليست في حقيقتها دعوة سديدة صحيحة، ولذلك فالدعوة السلفية الآن بإمكانك أن تعد لها عشرات بل مئات العلماء، وأنهم يأخذون بنواصي الشباب إلى الله عز وجل عن طريق طلب العلم، ما أمكنهم إلى ذلك سبيلاً.
أما من يرى رؤيا غير ذلك فلا بد أن يراجع هذا الكلام، خاصة والواقع يثبت فشل جميع المناهج إلا طلب العلم.
تصور لو أن هؤلاء الناس في كل الأرض شرقاً وغرباً قالوا: يا ناس! يا علماء! تفضلوا من باب: (الجمل بما حمل) اعملوا، فإنك تحتاج إلى آلاف العلماء في حين أنه ليس عندك عالم واحد، وفي كل أمر من الأمور تحتاج إلى رجل من أهل العلم، وفي كل مسجد تحتاج إلى رجل من أهل العلم.
إن وزارة الأوقاف في مصر ضمت (٦٥٠٠٠) مسجد، فتجد معظم المؤذنين لا يحسنون الأذان والإقامة، وأنا أذكر مرات ومرات أن واحداً لو أقام الصلاة أو أذن على غير ما تقتضيه اللغة والشرع أمر الشيخ محمد بن شقرة -وهو شيخي وأستاذي- بإعادة الأذان وإعادة الإقامة؛ لأنه يعتبر أن هذا الأذان كأن لم يكن وقع فهو باطل، وهذه الإقامة وقعت باطلة، ثم لما كلمناه في ذلك في موطن عمله وهي وزارة الأوقاف قال: هؤلاء أكثر من ثلاثة وثلاثين شخصاً من بلاد العرب تقدموا للأذان في المساجد لم يفلح واحد منهم، وكان الشيخ يطلب من كل واحد أن يؤذن؛ فما ارتضى منهم إلا واحداً فقط وقال: هذا الأذان صحيح، والباقون جميعاً يلحنون لحناً جلياً في الأذان.
فتصور أننا نحتاج للأذان في كل مسجد لواحد تقبل يديه حتى يؤذن أذاناً صحيحاً، هذا في المؤذن ناهيك عن الصلاة، فمن الأئمة من يصلي بالناس وليس له طعم ولا رائحة، ولا يعرف أن يتكلم حتى كلاماً عادياً، أول ما يدخل الصلاة يقول: الله وأكبر بصوت عال! فكيف أصلي خلفه؟ فلحنه جلي وتبطل به الصلاة، والقرآن كذلك يلحن فيه، فهو ينتقل من لحن إلى آخر.
إمام في قرية من القرى تقدم ليصلي بالناس المغرب، فصمت ثم ركع، فالناس قالوا له: لماذا لم تقرأ؟ فالتفت وقال: نسيت، ثم قال: الله أكبر، ثم انتقل ليقرأ الفاتحة وما أدراك ما الفاتحة! قال: بسم الله الرحمن الرحيم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) حتى أتم الحديث ثم ركع.
فبعد أن سلم من الصلاة، قلت: الله أكبر الله أكبر وأقمت الصلاة مرة أخرى، فقالوا: ما هذا يا شيخ؟! قلت: أصلاً أنا أتيت من مصر وأحب أن أصلي الفرض مرتين.
وبعد أن انتهيت من الصلاة بهم مرة أخرى قلت لهم: أنتم تعلمون أن قراءته ليست هي فاتحة الكتاب وليس من أصل القرآن، وإنما قرأ حديثاً.
وتصور أن مسجداً مثل هذا ليس فيه إمام ولا مؤذن ولا فراش، فبعض الناس يستهين بالعلم.
فالشاهد يا أخي الكريم! من
السؤال
أن هذه الجماعات الدعوية التي على الساحة ما هي إلا جماعات نظرت نظرة إصلاحية للمجتمع والنهوض بالمسلمين إلى الإسلام الحق، وكل واقف على ثغرة اجتهد من وجهة نظره.
وقد بلغني أن أحد الدعاة قال: إن الجمعية الشرعية وجماعة التبليغ فرقتان فقلت: عجباً أن يتفوه رجل من عامة الناس بهذا الكلام، فضلاً أن يصدر هذا الكلام من رجل ينسب نفسه إلى العلم، أن تكون الجمعية الشرعية التي قامت منذ أكثر من خمسين عاماً تدعو إلى كتاب الله وإلى سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وإلى إقامة السنن ونبذ البدع ومحاربة الشرك فرقة، وكذلك جماعة التبليغ، فكيف تكون هذه فرقاً؟ أمر عجيب جداً! نعم.
عندهم أخطاء وعندهم سلبيات، لكن هل هذه السلبيات تجعلها فرقة من الفرق التي توعدها النبي صلى الله عليه وسلم بالنار؟ لا يمكن، وإني أبرأ إلى الله عز و