[وعن إبراهيم النخعي في قول الله عز وجل:{فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}[المائدة:١٤] قال: أغرى بعضهم ببعض في الخصومات والجدال في الدين].
فما من أحد من أهل الأهواء والخصومات إلا ويخاصم بالمتشابه، أما المحكم فلا، فدائماً تجدون أن طريق أهل الأهواء هو في المتشابه، فالمتشابه هو مادة الخصومات لدى أصحاب الأهواء، والأصل في مجلس العلم الاجتماع لا التفرق، والأصل في مجلس العلم أن له آدابه العظيمة، والجدال ليس منها، بل هو ينافيها.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله)، ولم يقل ما تفرق قوم في بيت من بيوت الله، وإنما قال:(ما اجتمع)؛ فالأصل فيه الاجتماع.
وأنتم تعلمون حديث الثلاثة الذين دخلوا المسجد في حلقة علم النبي عليه الصلاة والسلام، فقال:(أما أحدهم فأعرض فأعرض الله عز وجل عنه، وأما الثاني فوجد فرجة فسدها فسد الله عنه، وأما الآخر فاستحيا؛ فاستحيا الله منه) فالأصل في مجلس العلم الاستفادة.
وأما الآن فتجد واحداً ينام على جنبه، وتجد آخر يشخر، وآخر يمد رجليه، والآخر يجلس على نصف رجل، بل كثير من الإخوة يجلس متكئاً على اليد اليسرى أو اليد اليمنى، أو يديه خلف ظهره كل هذا مما عم وطم، وإذا كان الواحد فيكم لا يعرف هذا، أو لا يعرف كيف يجلس في عموم جلساته -وخاصة في مجلس العلم- فكيف يكون طالب علم؟! قال:[لا أعلم أحداً من أهل الأهواء يخاصم إلا في المتشابه، أما المحكم فلا.
وعن معاوية بن قرة قال: الخصومات في الدين تحبط الأعمال].
أي: أن هذا باب من أبواب فساد العمل، فقد تعمل عملاً ثم تخاصم؛ فإذا بك عند الله كأن لم تكن قد عملت هذا العمل، فهي محبطة للأعمال، أي: لثواب الأعمال.