[حديث عائشة:(أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى قرأ على نفسه المعوذات)]
[عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم -والحديث في الصحيحين-: (كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات)]، أي: بالمعوذتين، وبعض أهل العلم أدخل في المعوذات: الإخلاص تجوزاً، أطلقوا عليها معوذة؛ لأن المرء عندما يقرؤها يستعيذ بالله تعالى من الشرور والآثام.
والغالب أن من تعوذ بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[الفلق:١] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[الناس:١] يجمع معهما سورة الإخلاص وهي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:١ - ٤]، وهي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي اشتملت كل آياتها على توحيد الله عز وجل، فكل سور القرآن ربما تجد فيها الأمر بالتوحيد وقد لا تجد، وربما تجد فيها أحكاماً حلالاً وحراماً، أخلاقاً وآداباً، لكن سورة الإخلاص هي التي تكلمت عن التوحيد من أولها إلى آخرها، وقالوا: هذه السورة هي نسب الله عز وجل.
وقد جاء في الأثر:(أن قريشاً أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا محمد! انسب لنا ربك) فأخذوا على نسب آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، فلو أنهم سئلوا: انسبوا لنا اللات أو العزى لاستطاعوا نسبة آلهتهم؛ لأنها من حجر أخذوه من جبل كذا، والذي صنعه ونحته وجعله على هذه الصورة فلان بن فلان، والذي حمله من مكان كذا إلى مكان كذا هو فلان بن فلان، وتم صنعه في ساعة كذا وفي يوم كذا، وتم تنصيبه وعبادته في ساعة كذا، وأول من عبده فلان، وهكذا يستطيعون أن ينسبوا آلهتهم.
ولذلك أجروا عادتهم مع آلهتهم مع النبي عليه الصلاة والسلام:(انسب لنا ربك) فنزل قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص:١ - ٢] الذي تلجأ الخلائق كلها إليه سبحانه وتعالى رغم أنوفهم في سرائهم وضرائهم، حتى المشرك يلجأ إليه في وقت الضر، فإذا كشف عنه الضر رجع لعبادة الأصنام، وهذا دليل فطري أنه لا يكشف الضر ولا يسوق النفع إلا الله عز وجل، علم ذلك المشركون، {اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ}[الإخلاص:٢ - ٣]، ليس أباً لأحد، {وَلَمْ يُولَدْ}[الإخلاص:٣]، ليس ابناً لأحد، فليس له ولد ولا والد، هذا نسب الله عز وجل.
عن عائشة:(أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات).