وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:(يا نبي الله! أرأيت ما نعمل لأمر قد فرغ منه أم لأمر نستقبله استقبالاً)، يعني: هذه الأعمال التي نعملها أهي مكتوبة عند الله عز وجل في اللوح المحفوظ أم لا؟ وقد قسم الله خلقه إلى الجنة والنار، وهذا أمر معلوم لا خلاف عليه ولا مناص منه.
(قال: بل لأمر قد فرغ منه)، يعني: إنك تعمل لأمر قد فرغ منه، وجفت عليه الأقلام وطويت الصحف.
(قال: ففيم العمل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: كل لا ينال إلا بالعمل، أما من كان من أهل الشقاء فلا يشقى إلا بالعمل، وأما من كان من أهل الجنة فلا يدخل الجنة إلا بالعمل) فالعمل سبب.
قال عمر:(إذاً: نجتهد)، يعني: إذا كان دخول النار والجنة متعلق بالعمل فلا بد أن نجتهد في العمل الذي ندخل به الجنة.
قال: [وعن ابن عمر عن أبيه قال: (قال يا رسول الله! أرأيت ما نعمل فيه أفي أمر قد فرغ منه أو أمر مبتدأ أو مبتدع؟ -وقوله: مبتدأ يعني: سيطول- فقال: لا، في أمر قد فرغ منه، اعمل يا ابن الخطاب! فكل ميسر، من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة، ومن كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء).
وعن هشام بن حكيم:(أن رجلاً قال: يا رسول الله! ابتدئت الأعمال أم قد قضي القضاء؟ -يعني: هل الله تعالى يكتب لنا أعمالنا إذا عملناها أم أنه قد كتبها قبل أن نعملها وفرغ منها وانتهى بها القضاء؟ - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه -أي: ثم وضعهم في كفيه- ثم قال: هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار)].
يعني: قسم عباده إلى قسمين: أحدهما إلى الجنة والآخر إلى النار، فأهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ييسرون لعمل أهل النار.