قال:[وأما الرافضة فأشد الناس اختلافاً وتبايناً وتطاعناً، فكل واحد منهم يختار مذهباً لنفسه يلعن من خالفه عليه، ويكفر من لم يتبعه، وكلهم يقول: إنه لا صلاة، ولا صيام، ولا زكاة، ولا جهاد، ولا جمعة، ولا عيدين، ولا نكاح، ولا طلاق، ولا بيع، ولا شراء إلا بإمام، فيعلقون كل هذا على وجود الإمام].
وأنا كنت أتصور أن هذا الكلام مبالغ فيه، لكن رأيت أن الشيعة كانت تكفر شاه إيران وهو ملكهم، ولم يكونوا يحجون إلى بيت الله الحرام، ولما تولى الخميني إيران أتت الأفواج بالملايين إلى مكة ليحجوا بيت الله الحرام، وأحدهم بل أكثر من واحد منهم صرح بأنه يعوض السنوات الماضية التي توقف فيها الجهاد والحج وصلاة الجمعة وغيرها مما يلزم فيها الإمام، فلما ظهر إمامهم رجعوا إلى العبادة التي توقفت على نزول الإمام، والمسلمون اليوم ليس لهم إمام، فهل يقول واحد منكم بتوقف صلاة الجمعة حتى يظهر الإمام أو خليفة عام للمسلمين أو المهدي المنتظر؟! وهل نعطل الجهاد مثلاً لعدم وجود الإمام أو الخليفة؟!
الجواب
لا، فالجهاد ماض إلى قيام الساعة في كل وقت إذا احتاج المسلمون إليه، والرافضة يقلدون أهل السنة في هذا الكلام.
قال:[وإنه من لا إمام له فلا دين له -هكذا يقولون-، ومن لم يعرف إمامه فلا دين له، ثم يختلفون في الأئمة، فالإمامية لها إمام تسوده -أي: تجعله سيداً عليها- وتلعن من قال: إن الإمام غيره بل وتكفره، وكذلك الزيدية لها إمام غير إمام الإمامية، وكذلك الإسماعيلية، وكذلك الكيسانية والبترية، وكل طائفة تنتحل مذهباً وإماماً، وتلعن من خالفها عليه بل وتكفره.
ولولا ما نؤثره من صيانة العلم الذي أعلى الله أمره، وشرف قدره ونزهه أن يخلط به نجاسات أهل الزيغ، وقبيح أقوالهم ومذاهبهم التي تقشعر الجلود من ذكرها، وتجزع النفوس من استماعها، وينزه العقلاء ألفاظهم وأسماعهم عن لفظها؛ لذكرت من ذلك ما فيه عبرة للمعتبرين، ولكنه قد روي عن طلحة بن مصرف رحمه الله أنه قال: لولا أني على طهارة لأخبرتكم بما تقوله الروافض].
وهذا الكلام خرج منه مخرج المبالغة في الإنكار على مقالات الرافضة والخوارج.
قال:[ويقول كذلك ابن المبارك: إنا لنستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية]؛ لأن كلام الجهمية أشد قبحاً من كلام اليهود والنصارى، فكلام اليهود والنصارى رجس، وأما كلام الجهمية فهو أقبح من رجس.
قال:[ولولا أنك قلت: إن أهل الزيغ يطعنون على أئمتنا وعلمائنا وعلمائها باختلافهم، فأحببت أن أعلمك أن الذي أنكروه هم ابتدعوه، وأن الذي عابوه هم استحسنوه، ولولا اختلافهم في أصولهم وعقودهم وإيمانهم ودياناتهم لما دنسنا ألفاظنا بذكر حالهم].