[باب كفر تارك الصلاة ومانع الزكاة وإباحة قتلهم وقتالهم إذا فعلوا ذلك]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وبعد: فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: [باب كفر تارك الصلاة ومانع الزكاة وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك.
عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بين العبد والشرك أو الكفر إلا ترك الصلاة)]، والحديث أخرجه مسلم من حديث جابر.
ثم قال: [قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة)]، ومن حديثه [قال النبي عليه الصلاة والسلام:(ليس بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)].
قال النووي في شرح مسلم لهذا الحديث:(وأما تارك الصلاة فإن كان منكراً لوجوبها؛ فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج من ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه) وهذا الكلام لا خلاف عليه، ليس في الصلاة فقط، بل في كل مباني الإسلام بل في الواجبات والمحرمات، فلو أن مسلماً يعيش في بلاد المسلمين، وأنكر أن الزنا حرام يكفر، مع أن الزنا كبيرة من الكبائر وليس من مباني الإسلام، بخلاف الصلاة والصيام والزكاة والحج، فإنها مباني الإسلام، فنحن نتكلم في قوله عليه الصلاة والسلام: بني الإسلام على كيت وكيت وكيت وعدَّ هذه المباني، أما سائر الواجبات والطاعات، وكذا سائر المحرمات؛ فإنها ليست من مباني الإسلام، بل هي واجبات أو منهيات متممات للإسلام والإيمان، فلو أن واحداً أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، والمعلوم كما عرفتم هو ما اتفق واستوى في علمه العامة مع الخاصة، فمن من الناس الآن يجهل حكم الزنا، أو حكم شرب الخمر؟ هل يتصور أن واحداً يعتقد أن شرب الخمر حلال؟ ربما يقع الخلاف في كون هذا خمراً أم لا؟ فلو أردنا معرفة حكم الإسلام في البيرة، فسنجد أقوالاً مختلفة، فمنهم من يقول: هي حرام، ومنهم من يقول: هي حلال، ومنهم من يقول: فيها شبهة، دعنا من هذا الخلاف، لكني أتكلم عن الخمر الذي يعرفه العامة والخاصة، هل يختلف اثنان على حرمته؟ لا، فلو أن مسلماً يعيش في بلاد المسلمين أتى الآن وقال: الخمر حلال، فماذا يكون بعد قيام الحجة عليه؟ يكون كافراً؛ لأنه قد أحل ما حرمه الله عز وجل في كتابه وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا من أصول الإيمان والثوابت في الإسلام، فلا يصح أن يهدر هذا.
وقول الإمام النووي هنا فيما يتعلق بتارك الصلاة جحداً وعناداً إنه كافر، هذا كلام لا يحتاج إلى إجماع؛ فإجماع أهل العلم على ذلك أمر يعضد أصول الإيمان في هذه القضية، لكن إذا لم يكن هناك إجماع فإن جاحد الصلاة كافر؛ لأنه لو جحد ما دون الصلاة كفر به إذا أقيمت الحجة عليه.