[حديث جابر في الأمر باتباع كتاب الله وهدي نبيه والتحذير من البدع]
قال: [عن جابر بن عبد الله قال: (خطب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال على إثر ذلك، وقد علا صوته واشتد غضبه واحمرت وجنتاه، كأنه منذر جيش يقول: صبحكم أو مساكم)]، وهذا حاله عليه الصلاة والسلام إذا خطب، خاصة إذا ذكر الجنة والنار، يعلو صوته، ويحمر وجهه، وتنتفخ أوداجه، وتحمر وجنتاه، كأنه منذر جيش يقول:(أنا النذير العريان) ويقول: (صبحكم أو مساكم) أي: صبحكم العدو أو مساكم العدو، يعني: أقبل عليكم العدو بكرة أو غدوة.
ثم قال: [(بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والتي تلي الإبهام)] يعني: السبابتين أو السبابة والوسطى لتلاحقهما، وأنه لا فرق بينهما، وأنه ليس بعد السبابة إلا الوسطى، أو ليس بعد الوسطى إلا السبابة، وهذا يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء، وأنه لا نبي بعده حتى تقوم الساعة، قال:(بعثت أنا والساعة كهاتين)، فبعد النبي صلى الله عليه وسلم الساعة، وبالتالي هذا نص يؤكد لنا أنه ما من أحد ادعى النبوة إلا وهو كاذب، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:(لا تقوم الساعة حتى يدعي ثلاثون أنهم أنبياء)، وفي رواية:(حتى يدعي ثلاثون من أمتي أنهم أنبياء).
وأنتم تعلمون أن شبرا فقط فيها حوالي ثلاثين نبياً، والمعادي كان فيها من قبل ثلاث سنوات من يدعي النبوة، وأحمد صبحي منصور ادعى أنه نبي، وشيخه رشاد خليفة كان نبياً أولاً ثم ترقى حسب زعمه إلى أن أصبح إلها!! ولا يزال الأنبياء والآلهة في تقدم وفي كثرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخبر عنهم أنه سيظهر ثلاثون شخصاً يدعون النبوة؛ ولذلك ظهر في عصر النبي عليه الصلاة والسلام أنبياء كذبة، مثل الأسود العنسي ومسيلمة وغيرهما، وظهر في زمن التابعين وفي كل زمن وكل عصر، فعندما تعد المشاهير من هؤلاء الأنبياء ستجدهم ثلاثين أو ما يناهز الثلاثين، لكن غير المشاهير بالآلاف، بل إن شخصاً لو حفظ كلمتين يقول: أنا نبي.
إذاً: إما أن نحمل ذكره عليه الصلاة والسلام العدد في الرواية على مجرد الكثرة، مثلما تقول لصحابك: أين أنت يا أخي؟! قد أتيت إلى بيتك مائة مرة، في حين أنك أتيت إلى بيته ثلاث مرات أو أربع مرات، وإنما قلت هذا للكثرة، وهذا ليس من باب الكذب في شيء.
فإما أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام:(سيظهر في أمتي ثلاثون دجالون كذابون كلهم يدعي النبوة) على مجرد الكثرة ولا يقصد تحديد العدد، وإما أنه عليه الصلاة والسلام قصد أن هؤلاء الثلاثين إنما هم الذين يذاع أمرهم وينتشر بين العامة والخاصة.
الشاهد: قوله عليه الصلاة والسلام: (بعثت أنا والساعة كهاتين) وأشار بأصبعيه الوسطى والتي تليها يعني: السبابة.
[ثم قال:(إن أفضل الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها)]، يعني: شر شيء أن تحدث في دين الله ما ليس منه [(وكل بدعة ضلالة)].