[الآيات الدالة على عدم المساواة بين الصالحين والفاسقين]
قال: [قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[الجاثية:٢١]]، يعني: هل يتصور الناس أننا نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء مع الذين اجترحوا واقترفوا السيئات؟ ومدار هذا أن العمل إيمان، [{سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية:٢١]]، أي: إذا كانوا يتصورون أننا نسوي بين الذي عمل عملاً صالحاً والذي عمل السيئات، فهذا بلا شك من سوء الحكم.
ٌ [وقال الله عز وجل:{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}[ص:٢٨]] يعني: هل يتصور أحد أن الفاجر والتقي عند الله سواء؟ لا يمكن ذلك، وكذلك الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليسوا كالمفسدين في الأرض.
قال:[فهذا وأشباهه في كتاب الله يدل العقلاء على زيادة الإيمان ونقصانه، وتفاضل المؤمنين بعضهم على بعض، وعلوهم في الدرجات.
وبمثل ذلك جاءت السنة -يعني: لتؤكد هذا المعنى- عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين.
ولو كان الإيمان كله واحداً لا نقصان له ولا زيادة، لم يكن لأحد على أحد فضل، ولاستوت النعمة فيه، ولا يستوي، وبطل العقل الذي فضل الله به العقلاء، وشرف به الحكماء والعلماء، وبإتمام الإيمان دخل الناس الجنة، وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون في الدرجات في الجنان عند الله -أي: أنه بالإيمان دخل المؤمنون الجنة، فالدرجات بتفاضلهم- وبالنقصان منه -أي: من الإيمان- دخل المقصرون النار، فنعوذ بالله من النار.
وإن الإيمان درجات ومنازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله، ومتى تأمل متأمل وصف الله للمؤمنين وتفضيله بعضهم على بعض، وكيف حزبهم إليه بالسباق]، أي: كيف حفز الله عز وجل المؤمنين للسباق إلى طاعته وزيادة الإيمان.
قال:[وبذلك فضل الله أوائل هذه الأمة على أواخرها، ولو لم يكن للسابقين بالإيمان فضل على المسبوقين، للحق آخر هذه الأمة أولها، وربما فاق عليه]، ولو لم يكن للسبق فضل لربما كان المتأخر أفضل من السابق، وبالتالي فلنا أن نقول إن التابعين أفضل من الصحابة، وإن أتباع التابعين أفضل من التابعين، وهذا كلام لم يقل به أحد من أهل السنة والجماعة.